واسمه محمد إبراهيم وأخرى في بير البيطار عَلَى محمد أبي فرج شيخ بني عطا وهذان المنزلان عَلَى مقربة من وادي موسى وكنا بتنا ليلة في الزيزاء عند فواز بن سطام شيخ مشايخ بني صخر فرأينا العيش البدوي عَلَى اختلاف طبقاته ديمقراطية وارستقراطية ونمنا في العراء تخفق علينا الرياح وخرجنا عن مألوف العادات فشربنا من كاس شرب بها عشرات من قبلنا فلم تغسل كفناجين القهوة وأكلنا الجريش ممزوجاً باللبن الرائب والمرق عليه رقاق تعلوها قطع اللحم والدهن بدون ملعقة ولا شوكة ولا سكين ولا صفحة خاصة ولا منديل فواكلناهم وسامرناهم وحدثناهم وحدثونا واستنصحنا بعضهم لنصرح له أي العيشين أفضل لهم البداوة أم الحضارة فقلنا لهم أنتم بالنظر لما نشأتم عليه أبقوا عَلَى بداوتكم واقتربوا من المدنية ما سمحت لكم أنفسكم ولكن إياكم أن تغفلوا عن تعليم أولادكم لينشأوا نشأة مدنية أكثر من نشأتكم وعندها إذا أحبوا أن ينقطعوا عن عيش الخلاء بتة يتيسر لهم ذلك. إني أخاف عليكم أيها العرب إذا عاشرتم الحضر فأكثرتم من عشرتهم أن تنسوا المكارم العربية ويختلط عليكم أمركم وتضيعون فطرتكم السليمة إلى ما تئن منه حضارتنا من النفاق والكذب والمزور والخديعة ولولا الغارات لآثرت أن أعيش في هذه الديارات بين البوادي ولو أشهراً معدودة من السنة.