للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

شلزويق الدانمركية فظل أهلها دانمركيين على الرغم من كل تضييق ومثل هذا يقال عن القسم الذي اقتطعته من أرض بولونيا فإن أهله بقوا على بولونيتهم ومن طاف أوروبا وقضى زمناً في ربوعها يعرف تأثير القومية في الأمم الراقية فالألماني لا يحب أن يتخذ عن ألمانيته بديلاً وكذلك الفرنسي والانكليزي والايطالي وغيرهم من الأمم الراقية يتناغى الفرد منهم بجنسيته ويقدسها ويفادي بكل شيء في سبيل الاحتفاظ بها.

قال وأنا معاشر الأتراك نزلنا هذه الديار منذ ستمائة سنة فأنشأنا بقوة فطرتنا وماضينا وتاريخنا دولة وسلطة وقومية ثم بالرابطة الدينية واشتراك المنافع واتحاد المنازع تجلت القومية العثمانية في مظهر آخر وإن الشعوب التي يتألف منها هذا المجموع العثماني مهما ذهبت من المذاهب في أمانيها لا ترى بداً من احترام العثمانية محبتها فعلينا نحن الأتراك أن نعمل على تأييد هذه الرابطة بقوة الخلافة والسلطنة واللسان وما لنا من الأنسال المتفرقة في قسم من قارة آسيا فنجعل العثمانية مستندنا لا التركية وحدها لأن هذه إذا اتبعنا في الدعوة إليها خطة الشدة لا تلبث أن تزول وتنطفي جذوتها ولقد أخذنا منذ عصور نقرب إلينا الشعوب العثمانية الأخرى ولاسيما من تربطنا بهم جامعة الدين مثل الأكراد والجركس واللاكز وغيرهم حتى كاد يظن أنهم امتزجوا بنا فكبرت بهم قوميتنا التركية من حيث الكيفية والكمية والمادة والمعنى ولكن أخذ بعضهم آخراً يفرطون في الدعوة التركية فكان من أثر ذلك أن أصبح أولئك الشعوب يبتعدون منا فتنبهت فيهم فكرة قوميتهم الأصلية وانشئوا يعملون على إعادة مجدها مما يورث الدولة ضعفاً فيقل عددنا كثيراً من حيث القومية في حين أننا أسسنا هذه السلطة بالتكاتف يداً واحدة مع هاته الشعوب فإذا افترقنا عنهم نكون قد عبثنا بكياننا. وكم تركي صرف يبقى يا ترى من الرعيل الذي بيض وجوهنا من الأسلاف والمعاصرين الذين اشتهروا بفضلهم وكمالهم وعقلهم. وعجيب كيف لم نعتبر بما أتى علينا من المهالك ونحن نريد أن نقوم اليوم بما يعرض حياتنا للخطر غير معتبرين بما جرى. هذا محصل ما قاله صديقنا وقبيل أن أحصله للقراء اطلعت في طنين على مقال بتوقيع أحمد توفيق ذكر فيه رحلته إلى بيروت فقال أن ستين في المائة من سكان الأستانة من أصل تركي ومع هذا نرى ثمانين في المائة من مشاريعها وأعمالها غريباً عن التركية والحال ليس كذلك في بيروت فإن كل ما أنشئ فيها من الأعمال قد