للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

التحتية كما في بابوج وواشق أصلها بابوج وباشه وإذا كانت مفخمة فتكون فاء في العربية كما في فارس وأصفهان وإن كانت بين المفخمة والمرققة فهي تكون تارة بالباء وطوراً بالواو وأخرى بالفاء مثل قبان فيقال فيها قبان وقفان. قال الأصمعي: قفان: قبان بالباء التي بين الباء والفاء أعربت بإخلاصها فاء وقد يجوز إخلاصها باء لأن سيبويه قد أطلق ذلك في الباء التي بين الفاء والباء (التاج في قفف) ومعنى قفان كل شيء: جماعة واستقصاء معرفته.

وعليه قالوا في بره: ورق. وفي باره: بارة. لكن لما توهم العرب أن الورق مشتق من ورق بل وأنها مصدر ورق أجازوا فيها الوجهين فقالوا فيها ورق ورِقة كما قالوا وعد وعدة.

وأغرب من هذا أنهم جمعوا رقة على رقين كما قالوا في إرة: إرين. وقوم من العرب توهموا الجمع مفرداً فوزنوه على فعيل بفتح الأول فقالوا: الرقين وفسروه بالدرهم والرقيم ولعل الرقيم ورد بهذا المعنى أيضاً تصحيفاً للرقين بالنون وهم يكثرون مثل هذا الإبدال في آخر الألفاظ كقولهم: الأيم والأين. الغيم والغبن. أسود قاتم وقاتن. الحزم والحزن. البنان والبنام. القعم والقعن. ومثل هذه الألفاظ تعد بالمئات.

فانظر حرسك إله كيف يتلاعب العرب بالألفاظ وكيف تتسع اللغة عندهم. وكيف يبعد مجرى الكلام عن ينبوعه ومصدره وكاد ينسيك الأصل الذي أُخذ عنه. كل ذلك من الأسرار الغامضة يتلذذ بالاطلاع عليها كل من له ذوق بهذه اللغة الشريفة البعيدة الغور.

وإذ قد اطلعت على أصل لفظة الورق وعلى أنها من الفارسية علمت علم اليقين أن معناها كل قطعة من قطع المسكوكات كما تقول بالفرنساوية ثم أطلقت على دراهم الفضة أو على مطلق الدراهم أن فضية أو ذهبية أو نحاسية بشرط أن تكون قطعة معدن مضروب لا غير.

هذا ما أردنا إيراده في هذا الباب ولنا عدة شواهد من هذا القبيل.

بغداد // ساتسنا