لا يخالطها شيء من المال غيرها. وقال أبو الهيثم: الورق والرقة: الدراهم خاصة. وقال شمر: الرقة: العين ويقال هي الفضة خاصة. ويقال الرقة الفضة والمال. عن ابن الأعرابي. . . إلى آخر ما هناك من الكلام الدال على أن الورق عندهم من الأصل العربي الفصيح الصريح حتى أنه لم يخطر على بال لغويي العرب أنها دخيلة على لسانهم. وتابعهم في ذلك لغويو الإفرنج أيضاً أصحاب المعاجم العربية ولم يرتابوا في عجمتها أو في عربيتها إذ قلدوا العرب في أغلب الأحيان عند نقلهم المعاجم إلى لغتهم.
وأول من تنبه لعجمتها في العربية فرنكل اللغوي الألماني المذكور ذكر أنها من الآرامية (برق) أو من الحبشية رقة. قلت: وفي كلتا اللغتين لم ترد اللفظة في الأصل على ما يدل أنها بهذا المعنى في أول وضعها بل يحتمل أن اللغتين أخذتا هذا المعنى عن العرب أنفسهم.
وممن قال بعجمتها أيضاً الأب لامنس اليسوعي في كتاب الفروق ص ٢٦٠ في الحاشية وهذا نص كلامه:(أي الورق بمعنى الدراهم المضروبة) ثلاث لغات أخرى (كذا والأصح أربع لغات أخرى): وَرق. ورق. وِرق (وزد عليها: ورَق ككتف) ولا أحسبه عربياً ولم يوجد في الكتاب القديم. . (كذا لو تروى لما قال هذا القول. لأن لفظة الورق وردت في شعر ثمامة السدوسي وفي الحديث وفي شعر خالد بن الوليد وفي كلام كثيرين من الأقدمين عند مطالعة دواوينهم.).
أما الصحيح عندي أن الورق من الفارسية تعريب بره بباء فارسية مثلثة رقيقة في الأولى ثم راء وفي الآخر هاء غير منقوطة. ويقال فيها أيضاً باره بمعناها. ويراد بها مطلق القطعة وتخصص بقطعة الفضة المضروبة كما هو معنى الباره عندنا قبل خمسين سنة. ثم عوض عن الباره الفضية ببارة نحاسية وبقي الاسم عليها وإن تغيرت المادة التي أخذت منها.
هذا وأنت تعلم أن الهاء الفارسية في الآخر تنقل إلى القاف أو الكاف أو الجيم أو الهاء في العربية. وقد صرح بذلك أغلب اللغويين كما في بابونج ويرذعة وبورَق ونيزك وأصلها بابونه وبرزعة وبوره ونيزه وأما الباء المثلثة التحتية الفارسية فتكون إما رقيقة. وإما فخيمة وإما رقيقة وفخيمة فإن كانت رقيقة فتنتقل إلى الواو بالعربية أو الباء الموحدة