مضى على معاهدة تيليست أربعة وستون عاماً ثم عادت تلك المنصة الأخضر غطاؤها واجتمع حولها في عاشر مايو ١٨٧١ في مدينة فرانكفورت من أعمال ألمانيا أيضاً أربعة مندوبين كأنت المفاوضات بينهم ذات صخب وهياج تارة وممزوجة باستهزاء مشئوم طوراً.
من المندوبين رجل قوي الحجة شديد البأس يدعى بسمارك وهو الرجل الذي لم يكن يعبأ بمراسم التشريفات ولا يهتم بما اعتادت السياسة أن تكنه في مثل هذه المواقف وكان إذا بحث أمامه عن التقارير التي وضعتها الساسة في هذا الباب فك أزرار ملابسه وأنشأ يستغرب في الضحك كثيراً قائلاًأن هذه كلها بما ينشر في رفرف الصحف اليومية من الروايات فبينما يحسب الإنسان أن سيكون من وراء وقائعها حادث إذا به يسبح في خيال ثم أنه يمد رجليه بحذائهما العسكري ويطلب الجعة ليشرب في حضرة المسيو درا نيم الحرج الصدر من حرية بسمارك وأمام المسيو دجولار الذي خجل من هذه الأعمال والمسيو جول فارد الذأهل الحائر.
هذا هو بسمارك فلاح براند نبورج الذي انتهى إلى رئاسة الوزارة الألمانية قد اضطر المسيو جول فارد والمسيو جولار إلى أن وقعوا على عهدة تقضي بانفصال ولايتين من ولايات الفرنسيس وإدخالهما في سمظ البلاد الألمانية.
وهنا ذكر الفرنسيس - وقد أصبح كل شيء عندهم قرين الانحلال قريب الاضمحلال - ما كان من أمر الأستاذ فيختي وتأثير خطبه في الدعوة إلى الاتحاد ومواعظه الاجتماعية وراحوا يرون مداواة جرحى وطنهم بالأدوية الفكرية وترياق الأخلاق على ما شاهدوا من همز الساسة وغمزهم واستخفافهم. ذلك لأن رجال العلم كانوا على يقين من أن نصر الأمبراطور غليوم المؤزر لم يكن من رصاص البنادق بل أن تربية الألمان الفكرية عملت يومئذ ما لم تعلمه أفواه المدافع. من أجل ذلك أخذ الفرنسيس يبحثون عن مذهب نافع في التربية يذهبون إليه لينهضوا بأمتهم حتى تضارع بلاد جيرانهم.
وفي مقدمة من فادوا بأنفسهم في سبيل سعادة فرنسا وسلامتها المسيو جبرائيل مونو الذي رأى الناس من أعماله ما جعله أليق العلماء بهذه الوظيفة المقدسة.
تلقى جبرائيل العلم مع لافيس ورامبو ودوري وفيدال دولا بلانش أوجستن فيلا في صف