الصلب؟ وكان سفيأن الثوري يشرب النبيذ الصلب الذي تحمر منه وجنتاه واحتجوا من جهة النظر بأن الأشياء كلها حلال إلا ما حرمه الله. قالوا فلا نزيل يقين الحلال بالاختلاف ولو كان المحللون فرقة من الناس فكيف وهم أكثر الفرق؟ وأهل الكوفة جميعاً على التخليل لايختلفون. حدثني اسحق بن راهويه قال سمعت وكيعاً يقول: النبيذ أحل من الماء ولم يكن أحد من الكوفيين يحرمه غير ابن ادريس وكان بذلك عندنا معيباً وقيل لابن ادريس: من خيار أهل الكوفة؟ فقال ذلك مبلغهم من العلم. وقال لنا اسحق: عيب وكيع بقوله: هو أحل من الماء لأنه إن كان حلالاً فهو بمنزلة الماء فكيف أحل منه عتب ونحن نقول إنهليس يلحق وكيعاً في هذا الموضوع عيب ولا يرجع عليه منه عتب لان كلمته خرجت مخرج كلام العرب في مبالغتهم في الوصف واستقصائهم بالمدح والذم يقولون هو أشهر من الصبح واسرع من البرق وابعد من النجم. وليس ذلك بكذب لأن السامع له يعرف مذهب القائل فيه وكلهم متواطئون عليه كذلك قوله هو احل من الماء يريد المبالغة في وصفه بالتحليل. وإنما عاب أهل الكوفة ابن ادريس بمخالفته أهل بلده وتغليظه ما ترخصوا فيه. وحدثني محمد بن عبد الله عن إبرأهيمابن أبي بكر بن عياش قال: قلت لابن مبارك: من اين جئت بهذا القول في كراهتك النبيذ ومخالفتك المشائج وأهل المصر؟ فقال: هو شئ اخترته لنفسي. قلت: فتعيب من شربه؟ قال لا. قلت وما اخترت لنفسك وقال عاصم بن أبي النجو: لقد أدركت قوماً يجعلون هذا الليل جملاً يشربون النبيذ ويلبسون المعصفر فهؤلاء أهل الكوفة وأكثر أهل البصرة على مثل مذهبهم. وكان عبد الله بن داوود يقول: ماهو عندي وماء البركة الا سواء. وقال القطمي: قال لي عبد الله بن داوود: لا بأس أن يشربه الرجل على أثر الطعام كما يشرب الماء. وقال: اكره ادارة القدح واكره نقيع الزبيب واكره المعتق واكره نبيذ السقاية. وقال: من ادار القدح لم تجز شهادته. قالوا: وكأن كثيراً من الحجازين بين يترخص فيه حتى غلط فيه مالك وحد في الرائحة والرائحة قد تلتبس وتشتبه بغيرها وكيف يخرق ظهور المسلمين على الظهور وظهر المسلم حمى لا يباح الا بيقين وقد يأكل الرجل الكمثرى والتفاح والسفرجل ويشرب المشبه النبيذ فيوجد منه رائحة النبيذ وكان الا قيشر اخد وقد شرق وأستنكه فوجدوا منه رائحة النبيذ ظاهرة فقال
يقولون لي انكه قد شربت مدامة ... فقلت لهم لا بل أكلت سفرجلا