وقالوا: وجدنا الناس ثلاثة اصناف أصحاب الرأي وهم جميعاً مجمعون على تحليله أبو حنيفة وأبو يوسف ومحمد وكل من سلك سبيلهم وأصحاب الحديث وأكثرهم على التحليل. وأصحاب الكلام هم أيضاً على ذلك وكيف نزيل يقين التحليل بطائفة من الناس؟ قالوا: ومثل النبيذ مثل نهر طالوت. حدثني شبابة قال: حدثنا غسان بن أبي الصلاح الكوفي عن أبي سلمة يحيى بن دينار عن أبي المطهر الوراق قال: بينما زيد بن علي على بغلة له بصر برجل من أصحابه محجل الأزار على قميصه ردع من زعفرأن فقال له مهيم فقال له يا ابن رسول الله إني اعرست وقد أحببت أن تكرمني بدخول منزلي. فثنى رجله ونزل فأخذ صاحب المنزل بيده واقعده على الحجلة فما استكبر ذلك واتي بطعام. وبلغ الشيعة مكانه فازدحموا على مائدته فطعم وطعم القوم ثم إنه عطش واستسقى فأتى بعس فيه نبيذ فكر فيه ثم قطب ثم دعا بماء فكسره ثم شرب ونأولني وكنت عن يمينه فشربت ونأولت الذي عن يميني ودار العس على القوم جميعاً فقلت له: يا ابن رسول الله حدثنا بحديث سمعته من آبائك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: تنزل متى منازل بني إسرائيل حذو القذة بالقذة والنعل بالنعل حتى لو أن رجلاً من بني إسرائيل نكحت نساؤها في الأسواق لكان في أمتي من يفعل ذلك. إلا وأن الله ابتلى بني إسرائيل بنهر طالوت أحل منه الغرفة وحرم منه الري ألا وأن الله جعل فيكم النبيذ احل منه الري وحرم منه السكر. وقالوا: لم يحرم الله شيئاً إلا وقد جعل منه عوضاً في مثل معناه فلو كان النبيذ خمراً ما كان العوض من الخمر وإنما خلق الله الأقوات والثمرات قدراً لحاجة الناس إليها فلو كان النبيذ خمراً ما كان يصنع بالتمر والزبيب والدوشاب وأشباه ذلك مما لو ترك الناس اتخاذ الشراب منه لبار وفضل أكثره من مآكل الناس وحاجتهم وقالوا: والله لا يحرم شيئاً إلا لعلة الاستعباد ولو كان تحريم الخمر للسكر لم يطلقها الله تعالى للأنبياء والأمم فقد شربها نوح عليه السلام حين خرج من السفينة واغترس الحبلة حتى سكر منها وبدت فخده وشربها لوط عليه السلام ليلة رفع وشربها المسلمون في صدر الإسلام. وقالوا: اما قرلهم أن الخمر ما خمر والمسكر مخمر فهو خمر مثله فإن الأشياء قد نتشاكل في بعض المعاني فيسمى بعضها بعلة فيه وهي في آخر ولا يطلق ذلك الاسم على الآخر الا ترى أن اللبن يخمر يروبة تلقى فيه ويترك حتى يروب ولا يسمى اللبن خمراً وإن خمير العجين يسمى خميراً