ولا يسمى هو ولا ما خمر به من العجين خمراً وإن نقيع التمر يسمى سكراً لا سكاره ولا يسمى غيره سكراً وإن كأن يسكر وهذا أكثر في كلام العرب من أن يحيط به.
وقالوا: واما قولهم للرجل مخمور وبه خمار إذا أصابه الصداع والارعاش عقب الشراب فأن ذلك قد يقال لمن أصابه مثله في النبيذ فيقال: به خمار ولا يقال: به نباذ فإن الخمر اسم قديم وكأنت الجاهلية تعرفه وتلفظ به من الخمر والنبيذ محدث إسلامي لم تكن العرب في الجاهلية تعرفه وكان شربة النبيذ من السلف لا يبلغون السكر ولا يقاربونه فيصيبهم عليه ما كان يصيب شرتة الخمر من الخمار وإنما كانوا ينالون منه اليسير على الغداء والعشاء ثم خلف من بعدهم خلف يشربون الخمر ولم يتهيبوا من المسكر فقيل: بهم خمار على ما سبق من الاسم المتقدم ولو كان الله حين احل النبيذ احل من السكر الذي يكون منه الخمار وكان شربة النبيذ من الصحابة والتابعين سكروا فأصابهم ذلك للزمنا أن يقال به نباذ او لا يقال فيجيب ما ذهبوا إليه. وقد فرقت الشعراء بين النبيذ والخمر. قال الاقيشر وكان مغرماً بالشراب:
وصهباء جرجانية لم يطف بها ... حنيف ولم تنع ربها ساعة قدر
أتاني بها يحيى وقد نمت نومة ... وقد غادرت الشعرى وقد خفق النسر
فقلت اصطحبها او لغيري فاهدها ... فما أنا بعد الشيب ويلك والخمر
فاعلم كان الخمر هي التي لم تغل بها القدور. وقال ابو زيد في الوليد بن عقبة حين عزله عثمان عن الكوفة بشهادة أهلها عليه بشرب الخمر
قولهم شربك الحرام وقد كا ... ن شراب سوى الحرام حلال
يريد انهم زعموا انك تشرب الخمر وقد كان هناك شراب حلال من النبيذ ويروي (وقد كان حلالاً سوى الحرام فمالوا).
يريد كان شراب النبيذ حلال فمالوا عنه وقذفوك بشرب الخمر. ولم نحتج بأبي زبيد وهو نصراني رأيناه حجة في تحليل أو تحريم وإنما أردنا أنه اعتذر له إلى عثمان وإلى الناس بهذا القول ولم يكن ليعتذر إلا بما ينكر الناس. قال جميل بن معمر:
فظللنا بنعمة واتكانا ... وشربنا الحلال من قلله
اتكانا - طعمنا. ومنه قول الله تعالى:{واعتدنا لهن متكا} وشربنا الحلال يعني النبيذ والقلل