بيروت ودمشق وحلب وصدرت في الموصل وبغداد والبصرة ومكة وجدة وطرابلس الشام وطرابلس الغرب والقدس وحيفاء ويافا ومرج عيون واللاذقية جرائد أسبوعية متناسبة مع حال البلاد التي تصدر فيها وإن كانت جرائد سورية من حيث التركيب البياني واللغوي أرقى من جرائد غيرها من الأقطار لأن الملكة العربية مستحكمة من القائمين بها في بلاد الشام أكثر من غيرها ولكن تلك الجرائد الصادرة في الأقطار الأخرى نافعة على كل حال بما تأتي به من الأفكار والأخبار وسيكون منها بحول الله النفع العام لمن تنشر بين أظهرهم.
أما الجرائد التركية قبل الدستور فكانت عبارة عن مقتطفات من الصحف الأوروبية في السياسة الخارجية وتبليغات أوامر الحكومة الاستبدادية وأبواق خصصت لتأليه عبد الحميد الثاني وإطرائه إطراءً لم يعهد في لغة من اللغات ولا في أمة من الأمم وكانت تلك الجرائد متخومة بإنعامات السلطان السابق ورشى بعض الشركات لتساعدها على ابتزاز خيرات السلطنة، ومع كل هذه المساوئ كان الارتقاء بادياً على الصحافة التركية أكثر من غيرها لأن التركية لغة الحكومة وجرائدها مقروءة في بلاد الترك من آسيا وأوروبا كما تطالع في غيرها من البلاد لكثرة الموظفين وغيرهم ممن يعرفون التركية ويهتمون أن يطلعوا على قرارات حكومة العاصمة ومنشوراتها وأنبائها.
ثم إن الأتراك بمجموعهم أرقى بتربيتهم وتعليمهم من مجموع العرب ونظام الأسرة عندهم أمثل منه عند أكثر العرب والمرأة التركية والحق يقال أكثر تعليماً وتهذيباً من المرأة العربية، فقد تطوف البلد الكبير في هذه الديار ولا تجد إلا بضع بنات متعلمات ولو استقريت قواعد البلاد التي يغلب فيها العنصر التركي لرأيت المتعلمات من التركيات يبلغن المئات والألوف ولا سيما في العاصمة، وهذا هو أحد أسرار انتشار الجرائد في الأتراك أكثر من انتشارها هنا لكثرة سواد القارئين والقارئات عندهم وقلته عندنا.
وإذا أردنا المقارنة بين الصحف التركية وخصوصاً صحف العاصمة وبين الصحافة العربية في الولايات تكون للعربية الدرجة الأخيرة بين الصحافة العثمانية فيما نحسب ولذلك وجب أن نقابل الصحافة العربية كلها بالصحافة التركية كلها أي الصحف التركية التي تصدر في الأستانة وازمير وسلانيك وادرنة ومناستر وغيرها من البلاد العثمانية