والصحف التركية التي تصدر في القريم والقافقاس مع الصحف العربية التي تصدر في الولايات العثمانية ومصر وتونس والجزائر والمغرب الأقصى وجرائد المهاجرين من السوريين في أميركا الشمالية والجنوبية، وهذه الصحف على اختلاف مصادرها مستمتعة بحريتها الفكرية ما خلا بعض صحف تونس والجزائر والقريم والقافقاس وإذ كانت درجة ارتقاء الشعوب التي تتلى عليها متفاوتة جاءت هي كذلك.
ولذا كان من اللائق إذاً أن نقيس صحف بلد معين بآخر معين لأن قوة الجرائد بقوة من تصدر بينهم كما قلنا وإذ كان أهل الأستانة أرقى من حيث المجموع من أهل سائر الولايات ومدينتهم عاصمة سلطنة عظمى من أعمالها ثلاثون ولاية عدا الايالات المستقلة وهي مهوى أفئدة الأمم الإسلامية كافة كانت صحافة الأستانة أرقى من صحافة القاهرة وهي عاصمة مملكة فيها نحو ثلث سكان الولايات العثمانية ولها السبق علينا بالاستمتاع بنعمة الحرية، ومركز القاهرة السياسي مهم أيضاً وأهلها عريقون في الحضارة منذ عشرات من السنين وهي في غناها الطبيعي أغنى من الأستانة في الحقيقة، فلا عجب إذا امتازت فروق من هذه الوجهة عن مصر.
تأملنا كثيراً في صحافة مصر والأستانة في العهد الأخير فرأينا أمهات الجرائد التركية أرقى من أمهات الجرائد المصرية مادة وأسلوباً وشكلاً ووضعاً وطبعاً، ولا أغالي إذا قلت أن جريدة طنين ويكي تصوير أفكار ويكي غزته وصباح وإقدام لا تفوقها الطان والديبا والفيغار والماتين والجورنال إلا بحوادثها الخارجية وما عدا ذلك من البحث في إدارة البلاد وسياستها الداخلية وأخبارها وأفكارها وآدابها واجتماعها فالجرائد التركية شقيقة الجرائد الفرنسوية بقيمتها إلا قليلاً هذا مع بعد عهد الفرنسيس بالحضارة وقدم جرائدهم وقرب عهد الترك بها وحداثة جرائدهم، وتفوق جرائد القاهرة كاللواء والمؤيد والجريدة والأهرام والمقطم مثلاً بأنها أمهر في الضرب على الوتر الحساس في الأمة أكثر من جرائد الأستانة.
أما المجلات الافرنسية فهي أرقى بلا جدال من المجلات التركية وتصدر تحت سماء الأستانة بضع مجلات مثل علوم اقتصادية واجتماعية مجموعة وملكية وشهبال وثروت فنون لا تقل في أبحاثها وتدقيقها في موضوعاتها عن المجلات العربية الكبرى في مصر