وتكون فيه صاحبة النفوذ الأول فأبانت الولايات المتحدة هذه المرة بأنها تدوس الحق بأقدامها إذا كان فيه إسقاط نفوذها. ومن ألقى رائد الطرف في أحوال الولايات المتحدة في القرن الماضي لا يعتم أن يسجل بأن هذه الحكومة سارت كل هذه المدة ولم تفشل لها راية ولم تسقط لها كلمة بل كانت بفضل المحافظة على مبدأ مونرو صاحبة الراية العليا والكلمة الفاصلة من الأرجنتين إلى البرازيل وشيلي ومن بيرو إلى كولومبيا وفنزويلا ومن سان دومينيك إلى المكسيك مارة بكوبا فتداخلت في شؤون تلك الحكومات كافة مباشرة أو بالواسطة وإرادتها على العمل بإرادتها حتى حق أن يقال أنه لم تطر ذبابة لم تشعر بها حكومة واشنطون في أنحاء تلك القارة.
ولقد هدد ألمانيا القائد ديوي أحد رجال الولايات المتحدة بالحرب لأن بعض سفنها قامت بتمرينات في جزيرة مارغريتا على شاطئ فنزويلا سنة ١٩٠١ وكان أملها أن تقيم لها فيها محطة للفحم وزاد في استيلاء الولايات المتحدة مهاجرة ربع مليون من الجنس التوتوني الجرماني إلى جنوبي بلاد برازيل. وقد كادت الحرب تنتشب بين إنكلترا وأميركا على مسائل فنزويلا ثم انحل الأشكال صلحاً بعد أن توعد رجال أميركا إنكلترا بانفصال كندا عن نفوذها إذا هي ظلت على عنادها كما سقطت إسبانيا وهي العدوة القديمة لأميركا من حالة مجدها واضطرت إلى الإذعان للقوة. أما روسيا فتخلت عن آخر ما لها في تلك القارة الأميركية لقاء بضعة ملايين من الدولارات وقد اقترح على فرنسا أن تتخلى عن جزائر المارتينيك والكوادولوب وتبيعها بيع الرضى لا بيع غبن. أما إنكلترا وألمانيا وإيطاليا فقد عاد لهن بعض نفوذهن في فنزويلا. وهكذا تجد القارة الأمريكية وفيها نحو عشرين أمة صغيرة كلها طوع أمر الولايات المتحدة. فقد كانت المكسيك ولا تزال تحمى بمبدأ مونرو وأخذت منها التكساس. وكندا مؤتلفة مع الأميركان وهؤلاء يركنون إليها. وبورتوريكو أضيفت إليهم وانتيل الدانمرك وسان دومينيك كادا يباعان لها وكوبا أصبحت أميركية وبنما وكولومبيا وفنزويلا وكل أواسط أميركا لا تعمل إلا بالروح التي تبعثها فيها دار ندوة واشنطون. وقد سكتت برازيل في مسألة آكر المهمة وشيلي والأرجنتين وبيرو وجمهورية خط الاستواء يعترفن بمبدأ مونرو على درجات مختلفة.
ولطالما أدى الحسد المتأصل بين برازيل والأرجنتين وشيلي إلى إهراق الدماء ولذلك كان