بعضهم يقول أن النهضة الأميركية غير ثابتة الأساس والخطر محيق بها وأن نتائج تلك النهضة مجهولة وأن الحوادث أثبتت أن الولايات المتحدة لم تنظر في كل أحوالها إلا لمصلحتها الخاصة وأن نهضتها قامت بالقوة والحرب ومع هذا فلا يخطر ببال أن أميركا تود أن تضم إليها العالم الجديد برمته بل تريد المحافظة على الحالة الحاضرة عاملة في كل شؤونها بمبدأ مونرو الشريف المبني على قاعدة فسيولوجية.
ومن نتائج هذه النهضة أر رقيت الولايات المتحدة أرقى درجات العمران فكانت صادراتها سنة ١٨٧١ خمسمائة مليون فرنك فبلغت سنة ١٩٠٠ - ٢٣٠٠ مليون هذا مع أن جانباً كبيراً من غلاتها يصرف في البلاد. وكانت معاملها سنة ١٩٠٠ - ٤١٥ر٤٩٠ معملاً تصنع ما قيمته ٦٥ ملياراً من المصنوعات. وللولايات المتحدة المقام الأول بحاصلاتها الزراعية فإنها بلغت خمسة عشر ملياراً ونصف مليار من الفرنكات. وتحتاج أوربا مسانهة إلى ٤٨٠ مليون هكتو لتر من الحنطة تستغل أكثرها وتبقى محتاجة إلى ١٣٤ مليون من الخارج تقدم أميركا منها ٢٥ إلى ٦٠ مليون هكتو لتر بعد أن تقوم غلات البلاد بحاجات سكانها. وقد زاد عدد سكان المدن الكبرى على نسبة غريبة فكان سكان فرنسيسكو سنة ١٨٥٠ - ٨٠٠ر٣٤ فبلغوا في أيامنا ٠٠٠ر٣٥٠ وكان سكان بنتيمور ١٦٩ ألفاً فصاروا ٦٢٥ ألفاً وسكان فلادلفيا ٣٤٠ ألفاً فبلغوا مليوناً وربع مليون. وزادت نفوس شيكاغو من ٩٦٣ر١٢٩ إلى ٠٠٠ر٠٠٨ر١.
وكان لهذا الارتقاء الاقتصادي الذي لم يسمع بمثله يدٌ كبرى لأصحاب المليارات من رجال الأموال والغنى الواسع في تلك البلاد ممن أوجدوا فيها ضرباً من ضروب الملك في الأعمال والأموال إلا وهم قادة الاحتكار من التجار مثل كارنجي وفندربلت ومورغان فكانوا ملوك الأرض حقاً وقياصرة الناس بلا مراء من أجل هذا لما رحل مورغان إلى جزيرة كوبا عنيت الحكومة بأمر الطرق التي مر قطاره الخاص فيها عناية فائقة وقد قابله إمبراطور ألمانيا أحسن مقابلة وخافت بورصة مدينة نيويورك وأزعجت لزكام دماغي طفيف أصابه عرضاً منذ بضع سنين.
ضاقت أميركا بما رحبت بهؤلاء الأغنياء فلم يجدوا لأموالهم مصارف في بلادهم حتى قام في أفكارهم أن يبعثوا البعوث من مواليهم وخدامهم يلتمسون في عرض البحور والبرور