فزادت كثرة استعمالها في قوتها ومقاومتها للمصاعب ونمتها نمواً.
وسواءٌ ورثنا عن أجدادنا أو بالتطبع عادة استعمال اليمنى إيثاراً لها على اليسرى فإن هذا الأمر طبيعي. وإذا سألت عن السبب الذي من أجله كان الإنسان في أوائل العهد الأول أيسر فالجواب عليه أنه نشأ على ذلك بحكم الوراثة فقد عرفت أسرة كان أبوها أعسر ولم تكن الأم كذلك وربما كانت تستعمل يسراها متابعة له فجاء ابنها أعسر.
ويرى السير جايمس ساويرا أحد كبار دعاة الجمعية المشار إليها أن الإنسان لا يستعمل كلتا يديه بقطرته وإن استعمال اليمنى من القديم نشأ من عادة استعمال السلاح ونشأ في العهد الحديث من عادة الكتابة. ومن يعلم كيف كان الرجل الأول الذي رسم خطوطاً على الحجر أو على ورق البردي بإحدى يديه. ومن الواضح أن المرء بالتمرين توصل إلى استعمال اليمنى كما يستعمل اليسرى. ومجذوموا الذراع اليمنى من الأدلة في هذا الباب. ولكن إذا نظر المرء إلى الكتابة باليسرى يتجلى له بأنه قريب من كتابة المرآة.
عرفت أضبط وكان جراحاً مشهوراً في باريس وهو الدكتور كوسكو كان يجري العمليات باليسرى واليمنى معاً ولا يهمه حال المريض من هذه الوجهة وهو على منضدة العملية. فيخرج بياضة العين (كتاراكت) بكلتا يديه على حد سواء من المهارة. وكان حاذقاً في جراحته حذقه في الموسيقى والنقش والرسم ومع هذا لم أره يكتب وصفة بيده اليسرى.
وقد حاول الأستاذ مركيل الألماني أن يجلو هذا الأشكال ومن رأيه أن ليس في انتخاب إحدى اليدين صدفة وإلا لكنت ترى عند بعض الشعوب جيوشاً من العسران بدلاً من الأياسر وليس هما غير العادة والتعليم اللذين جعلا عادة استعمال اليمنى وسلسلاها فينا حتى انتهت إلينا على هذا النحو.