ضروب الرياضة وإن أريد به التسلي فهو من الضروريات لقوام البنية حتى يكون من الناس كما يقول الفيلسوف هربرت سبنسر (حيوانات صالحة) أي أناس لهم في تراكيبهم الطبيعية ومن أعصابهم وحواسهم الباطنية ما يؤهلهم للقيام بما في طاقتهم بدون أن ينقص عضو من عضو شيئاً أو يقوى عصب بضعف أخيه. ولذلك كثرت أساليب الرياضة وكلها تدور على قوانين طبيعية مبنية على علم التشريح والحياة والميكانيك. وممن قام يدعو إلى طريقته في الرياضة رجل من أهل السويد اسمه لنج نظر في الطرق المتبعة في التريض فخالف المتبع منها في التربية الطبيعية التي من شأنها إعداد أناس منبسطة قلوبهم فاستعاض عما كان أهل الرياضات يستعملونه من قبل بالتجارب من الألعاب بأساليب له معقولة معتقداً أن أحسن رياضة لتحسين الجنس الإنساني في مجموعه تقليل أسباب الضعف وتقوية الأبدان تقوية تامة. تعلم هذا الرجل التعليم العالي وانصرف إلى اللاهوت والأدب لأول أمره فصنف فيهما وألف فشغله ما هو فيه من الأشغال العقلية عن النظر في الألعاب الرياضية إلى أن التقى بمهاجرين فرنسويين في كوبنهاغ أوائل القرن الماضي فعلماه المسايفة لعب السيف والترس فمهر فيها حتى عين معلماً لحمل السلاح في كلية لوند وكان حاد الفكر والتصور صعب المراس لا يقف في أمر يتعاطاه عند حد التوسط فاهتدى بذكائه إلى أن وراء المسايفة وإحسان الكر والفر مقصداً أسمى فأخذ نفسه بدرس منافع هذا الفن ونظر في التشريح وعلم النفس وتوغل في التاريخ فرأى أن السكنديناويين كانوا يستعملون الرياضة واليونان من قبلهم كذلك وتبين له أن ما هو ماثل في مصانع اليونان وتماثيلهم من جمال الوجوه وتناسب الأعضاء وصحة الجسوم إنما كان بفضل الرياضات التي يرتاضونها وثبت له أن تحسين النسل وجماله وجودة الصحة الطبيعية والأخلاقية تنشأ من استعمال الرياضة المعقولة.
قام هذا الخاطر في ذهنه ولم يرتح وجدانه إلا عند ما تعدم إلى حكومة السويد أن تمنحه شيئاً من المال يستعين به على نشر طريقته فردته رداً غير جميل وعدته ممخرقاً أخرق فسخط من ذلك وهو غضوب عبوس إلا أنه لم ييأس. وكان نجاحه في ثباته على المطالبة فصدر الأمر الملوكي سنة ١٨١٣ بإنشاء مجمع علمي للألعاب الرياضية في استوكهلم عهد إليه إدارته ووفق إلى تحقيق الأفكار التي كانت تخالج صدره وإن كانت تلك الأفكار