قونية أن منشأها إيراني زادت انتشاراً بما كان لشمس الدين التبريزي وجلال الدين الرومي الصوفيين العظيمين من النفوذ وكان الأول صاحب السر والثاني مؤسس طريقة الدراويش المولوية. وكان سلاطين السلجوقيين مهوسين أشد التهوس بكل ما هو من أصل فارسي حتى أنهم كانوا يدعون أبناءهم بأسماء استخرجوها من قصص البطال في الملاحم. وظلت الصناعة التي انتشرت بهذا التأثير محصورة في آسيا الصغرى ولم تنتشر في سائر البلاد الإسلامية.
أخذت العرب صناعة الفسيفساء عن البيزنطيين فاستجلب من الأستانة الخليفة عبد الرحمن إلى قرطبة صناعاًُ من الروم ليزين مسجدها. وخابر الوليد ملك القسطنيطينية ليبعث له بالعملة والمواد اللازمة لتزويق المسجد الأموي في دمشق وهي كنيسة القديس يوحنا الدمشقي القديمة. تغير هذا المسجد ولم يبق منه حريق ١٨٩٣ ما كان سلم من آثاره. وفي سنة ٤١٨ هـ (١٠٢٧م) جرى إصلاح فسيفساء قبة الصخرة كما قرأت ذلك في الصورة الشمسية من الصفحة الثالثة والثمانين من الجزء الثاني الرسم ٧٣ وقد كسي داخل المصانع الإسلامية في القاهرة بأنواع من الزينة صنعت من الرخام على أبهج صورة وأزهاها.
إن ما يرى في مصر من الخشب المنفقوش لا يتأتى إلا أن يكون مجلوباً من سوريا أو من آسيا الصغرى. ومعلوم أن في مصر صناعة خاصة بها لا يرى لها أثر في غيرها من الأقطار ألا وهي صناعة المشربيات وهي أقفاص نوافذ على طنف بارزة بحيث تكون للنوافذ التي تطل على الشوارع أقفاص لئلا يتطلع إلى ما وراءها متطلع ولو بدون قصد. من أجل هذا يستعمل القوم (شعريات) من أقفاص خشب رقيق. وفي مصر يستعمل خشب غليظ خرط بالمخرطة وجعل على صورة يتفنن فيها كل التفنن. وفي المتحف العربي في القاهرة حشوات منقوشة غاية في الجمال ومن جملتها ثلاثة محاريب توفر المسيو رافيس على البحث فيها وهي من عهد الفاطميين وقد كانت الحشواتفي القرن الثالث عشر أصغر مما هي الآن وخطوطها أدق وأشكالها أكثر تنويعاً وصورها التزويقية مطلقة. وصورت على أبواب البيمارستان القلاووني صور ذات أرواح. والفرق ظاهر بين طريقة هذه المصانع في الصنع والحشوات التي جعلت على القبور الفارغة في ذاك العهد والصورة العامة مربعة في هذه وذات خطوط مستدير في أبواب البيمارستان. ويتجلى الفرق للأنظار