بالمقابلة بين النقوش الصغيرة التي وردت في صفحة ١٠٠ و ١٠١ الموضوعة إحداها بجانب الأخرى فإن الحشوات صنعة عربية مصرية أما الأبواب فصنعة فارسية. ومن هنا أتت الصور ذات الأرواح. وظاهر أنه كان في ذاك العهد في القاهرة طريقة فارسية في النقوش جاءت زيادة على ما كان فيها من الصناعة الوطنية وليس ذلك من ارتقاء الصناعة المحلية كما لاحظ ذلك المسيو ميجون. وارى أنه لم يبن رأيه على صورة باتة كافية وإن شئت فقل على صورة ظاهرة. المنبر في المسجد من المواد التي لا يستغنى عنها فمنه ما يبنى بالحجر مثل منبر مسجد يرقوق في الصحراء بالقرب من القاهرة ومن العادة أن يعمل المنبر من الخشب. وقد عرفت من المنابر نموذجات بديعة كمنبر مسجد ابن طولون الذي أمر ببنائه أحد سلاطين المماليك السلطان لاجين ولا تزال حشواته العمودية محفوظة في لندرا ومثل منبر قاتيباي ومسجد علاء الدين الأول قاي قوباد في قونية وجامع الزيتونة في تونس وغيرها. وهناك شيء آخر خاص بمساجد مصر وأعني به الكرسي أو الخزانة المسدسة الزوايا والأضلاع كانوا يضعون عليها المصاحف للتلاوة فإذا فرغوا خبؤوها في داخلها وكانت حشواتها مزينة بتطعيم (تنزيل) من العاج ومن خشب ملون.
ويوضع المصحف في المساجد العثمانية مفتوحاً أو مطبوقاً على دعامة تطبق على شكل تسمى رحلاية. وقد فات المسيو ميجون أن يذكر هذا المتاع الذي يعمل من خشب الجوز المتين ويطعم بأشكال من عرق اللؤلؤ والعاج (صنع الأستانة) على نمط الأخونة الواطئة التي يقال لها اسكملة.
وفي إسبانيا أجمل إنموذجات من النقش على العاج أخذها المسلمون عن الغوط الغربيين ولم يستطع أحد أن يوفق بين معامل هذه الصناعة ومراكز إخراجها بل ثبت من فحص هذه المصنوعات التي لا تزال محفوظة بكمية وافرة أنها صناعة محكمة تدل على فرط مهارة فنية تقلبت عليها الأحوال بأهوالها ومنها الشرقي ومنا البيزنطي. واللوحان البديعان من العاج اللذان لم يبرحا محفوظين في مجموعة كاران في متحف بارجللو في فلورنسة هما من أصل يختلف أحدهما عن الآخر ولا نعلم من أمرهما شيئاً يذكر. بيد أن النسور والأسود المرسومة على اللوحين هي من أصل آشوري وقد رسمت عليها رسماً دل على مهارة تحملنا على المقارنة بينها وبين نحاس الموصل وشواطئ دجلة حيث بقية التقاليد الصناعية