أما الصياغة فقديمة العهد رأى الشاعر الرحالة الفارسي ناصر خسرو في مدينة صور ثريات من الذهب والفضة وفي القدس أبواباً مغطاة بألواح من النحاس بديعة الصنع وفي القاهرة عرش المستنصر الفاطمي معمولاً من الذهب والفضة الخالصة وقد نقشت عليه كتابات وصورت صور صيد وقنص. وإن سفط العاج في كنيسة بايو (فرنسا) الملبسة بالفضة المنقورة (المخرمة) وأسفاط كنيسة كوار (سويسرا) وسان سيرفي (فرنسا) ومايسترخت (هولاندة) وسان مارك في البندقية لتمثل لأنظارنا ما كانت عليه صناعة الصياغة من البهاء في القرن الثاني عشر. وإلى ذلك العهد يرتقي صنع النحاس الجميل الملبس الذي حفظ على اليوم ولكن مما لا شك فيه أن ازدهار هذه الصناعة أقدم من ذلك وأن ما نعثر عليه من ذاك التاريخ من الأعلاق النفيسة ليس إلا زبدة قرون طويلة وأبحاث متصلة. ولقد تساءل بعضهم عن السبب الرئيسي في انتشار صناعة النحاس المحفور ببلاد ما بين النهرين ولاسيما الموصل. ويوشك أن يكون ذلك من ومجاورة معادن أرغني والخابور بالقرب من مناجم الخابور جبل مغارات الذي يستخرج منه النحاس الخام ويذوب ثم ينقل إلى جميع بلاد آسيا قديماًَ.
وتبين من عرض هذه المصانع بعضها في جانب الآخر أن التزويق المحفور في صور بارزة هو أقدم طرق النقش على المصنوعات النحاسية. أما تنزيل الذهب والفضة فلم يحدث إلا مؤخراً. وقد تغلبت صور البشر والحيوانات في الموصل مما يدل على أن الصناعة فارسية الأصل حفظ فيها الساسانيون تقاليدهم الصناعية التي يرد عهدها كما قال لونكبريه إلى عهد الصور البارزة الآشورية.
وقد ساق البحث المسيو ماكس فان برشم فحلّ الكتابات التي كتبت على أجمل هذه المصنوعات وقسمها قسمين رئيسيين أو مجموعتين أساسيتين إحداهما شرقية انتشرت في خراسان كما انتشرت في الموصل والثانية غربية أي سورية مصرية وهي عبارة عن نحاس صنع في زمن اليوبيين في أوائل القرن الثالث عشر. وكان من غارات المغول أن قطعت زمناً قصيراً سلسلة هذه الأعمال وجاء المماليك في القرنين التاليين فوقوا هذه الصناعة بأعمال اتصل بنا علمها وهي كثيرة. وما صناع الشام ومصر إلا تلاميذ صناع