وإذا بحثنا في القلز (النحاس الأحمر) نذهل من رؤية المصانع المنحطة بجمالها مثل صورة العنقاء في بيز التي جلبت من مصر على عهد الصليبيين وصورة الأيل من صنع الفاطميين الموجود في متحف امة في ميونيخ والجواد المحفوظ في متحف قرطبة والطسوت المعمولة على شكل الأوز والمباخر على شكل الببغاء المحفوظة في متحف اللوفر. وما أعجب مصابيح المساجد المصنوعة من القلز والحديد كالتي لا تزال محفوظة في المتحف الأثري في مدريد وقد جيء بها من غرناطة ومثل الموجودة في دارة الآثار العربية بالقاهرة المأخوذة من جامع السلطان حسن وكثير أمثالها.
أما الأسلحة فلم يجر حتى الآن تنظيم تاريخها ولم يذكر هذا المختصر الذي نحن بصدده سوى إشارات موجزة بشأنها. ويرجى أن يطلعنا المسيو موزر ذات يوم على ما وقف عليه وجمعه من الإيضاحات بشأن صنع الفولاذ فتكون أعماله مساعدة لنا على تنظيم المعلومات المبهمة التي حصلنا عليها حتى الآن. ولطالما تكلم الناس عن فولاذ دمشق لغرابة سقايته. ولما أرسل السلطان بيبرس من سلاطين المماليك هدايا سياسية على باراق سلطان المغول في تركستان لبعث إليه بأسلحة دمشقية. ولما استولى تيمورلنك على دمشق أخذ معه إلى سمرقند صناع الفولاذ الدمشقي. وقد كان في القاهرة في شارع النحاسين الحالي بين القصرين سوق للسلاح رائجة كثيراً إلا أننا لا نعلم شيئاً عن أصل الأسلحة التي كانت تباع فيها. وليس ثمة ما يدل على أنه كان في مصر معامل لصنع نصال الفولاذ وربما كانت تصنع فيها مقابض السيوف وأغمادها ويصلحونها على النحو الذي اختاروه وهذا عمل غير عمل نصال الفولاذ ويجب أن يميز عند تنسيق هذه الآثار في المستقبل بين معالم صنع النصال ومعامل تركيبها. ولم يتعرض لذلك كتاب الوجيز ولا يستطيع أن يتكلم الآن إلا على المعامل المتأخرة. ومع هذا فقد توصل المسيو بوتين بعد البحث في المقابلة بين الصنال إلى أن المعمول منها في دمشق هو مزيج من الحديد والفولاذ وأنه في الأغلب من سكب بلاد الفرس وإذا كانت النصال في الهند ذات لمعة بذوبانها فهي منقوشة بالطرق. وقبل الفتح العربي كانت طليطلة في إسبانيا مشهورة بسقي نصالها. وفتح عبد الرحمن الثاني معملاً لها (٨٢٢ ـ ٨٥٢) ولم يبق ولا حسام إسباني مغربي من قبل القرن الخامس