وطائفة غير راضية إلا أنها مخلصة.
أما الأولى فهي عامة الشعب وهي الأكثر عدداً وأما الثانية فهي التي لا يهمها عمرت البلاد أو خربت وأما الثالثة فهي التي يليق بها بأن تسمى بالطائفة المتعنتة لأنه لا يرضيها شيءٌ فهي أبداً تتذمر وتتأفف وتتفاخر وتباهي بأقدارها وتستصغر أقدار سواها كأنها خلقت من طينة سماوية وغيرها خلق من طينة أرضية.
وأما الرابعة فهي الطائفة المخلصة الغيورة على وطنها وهي القائلة بضرر سفر المهاجرين إلى أميركا بعرفي أو بضرر مهاجرتهم بعرفها، وعرف يرها.
والطائفة القائلة بفائدته هي عامة الأمة السورية فأيتهما أحق بقولها دعواها أتلك أم هذه؟
لا جرم أن دعوى الطائفة الراضية هي الأظهر والأحق وإليك البراهين.
غادر السوريون نزلاء أميركا اليوم القطر السوري جاهلين القراءة والكتابة فصاروا في أميركا يقرأون ويكتبون.
غادروها جاهلين كثيراً من آداب السلوك فصاروا في أميركا في آداب سلوكهم من الطبقة الأولى.
غادروها جاهلين السياسة الوطنية والأجنبية فصاروا في أميركا من أهل الإلمام بها وصاروا يفهمون معناها ومبناها ومغزاها ومرماها.
غادروها عديمي المعارف العمومية تقريباً فصاروا في أميركا ملمين بكثير من تلك المعارف.
غادروها جاهلين بأساليب التجارة فصاروا في أميركا من أهل التجارة.
غادروها جاهلين الصناعات العصرية فصاروا في أميركا عاملين بكثير منها.
غادروها جامدين خاملين فصاروا في أميركا ناهضين.
غادروها ونفوسهم صغيرة فصاروا في أميركا من أهل النفوس الكبيرة.
غادروها أذلاء فصاروا في أميركا أعزاء.
غادروها منقادين لأهل الاستبداد انقياداً أعمى فصاروا في أميركا منورين من دعاة الاستقلال الشخصي.
غادروها ولا صحافة لهم فصارت صحافتهم في أميركا أرقى الصحافات العربية في العالم