ثم بعث ملك الروم براهب اسمه نقولا فوصل إلى قرطبة سنة ٣٤٠ وكان بها جماعة من الأطباء يبحثون عن تصحيح أسماء عقاقير الكتاب وتعيين أشخاصه فأنشؤوا يبحثون عنها بحيث زال الشك فيها عن القلوب وأوجب المعرفة بها بالوقوف على أشخاصها وتصحيح النطق بأسمائها بلا تصحيف إلا القليل منها الذي لا بال به ولا خطر له وذلك يكون في مثل عشرة أدوية.
هكذا عربوا الألفاظ الطبية بالأندلس وهكذا كان تعريب غيرها من المصطلحات اليونانية وغيرها في بغداد وهكذا يجري علماء الإنكليز في ضم ما يحدث من الألفاظ العلمية إلى لغتهم كلما ست الحاجة إلى ذلك ووكل الفرنسيين وضع الكلمات اللازمة إلى مجمعهم العلمي. ولو أن نفراً من أهل الأخصاء في اللغة العربية عنوا كل على حدته بإيجاد بعض ألفاظ لتناولتها أقلام الكتاب ولسرت على الألسن وانتشرت في الكتب والأوراق ويبقى منها الأنسب بطبيعة الزمن وينسى ما لا غناء فيه. فقد وضع بعض أرباب الجرائد والمجلات ألفاظاً لبعض المستحدثات العصرية فكادت تكون كالألفاظ المألوفة لنا ولو وفقنا إلى تكثير سوادها إذاً لسهلت الترجمة والتعريب على من تمحضوا لهما ووقفوا نفوسهم على إغناء لغتنا بكنوز عظيمة مباحة لمن يحسن تناولها وفيها قيام جامعتنا وكفاء نهضتنا.