الأرض كانت جسماً يكاد يكون سيالاً يتلظى قبل وجود الإنسان والحيوان والنبات على سطحها ثم برد سطحها وبقي جوفها شديد الحرارة والسبب في ثوران البركان هو هذه الحرارة والماء والمواد المعدنية الحارة في جوف الأرض فإذا ما اختلط الماء بالمواد المعدنية الحارة تمدد ورفع ما فو قه ثم يزداد الضيق عليه من الحرارة وثقل الأرض وعندما يشتد دفعه ينفجر ويقذف الحمم والصخور والبخار ويجعل الصعيد المستوي جبلاً راسياً مما يرمي به تلك الأجسام ولكن إذا فقدت المواد المعدنية وظل الماء جارياً تسخنه حرارة باطن الأرض الطبيعية البالغة ألفي درجة أو أكثر وكانت الأرض بركانية من قبل لا يصعد من أفواهها غير البخار كما يشاهد في أبي رباح هذا إذ يسمع الإنسان الواقف عند فوهته صوتاً كهدير البحر ويرى البخار يتصاعد منها كبخار الماء المغلي في المرجل.
فمن هذا يتبين لنا أن أبا رباح كان بركاناً ثائراً في العصور الخالية ودام ثورانه ردحاً من الزمن إلى أن انتهى ما في جوفه من المواد المعدنية وبقي الماء والحرارة الطبيعية المسببان لصعود بخاره الحار.
نظرة تاريخية_اتضح مما قدمنا أن هذه الحمة بركان نفدت مواده المعدنية الحارة منذ ألوف السنين وصارت إلى ما هي عليه اليوم عبارة عن فوهة وسط جبل يتصاعد منها بخار مائي ليس إلا. ثم جاء الأقدمون وبنوا فوق هذه الفوهة حماماً يستشفون به من الأسقام والأمراض ولكن من هؤلاء الأقدمين الذين شادوا هذا المعهد الكبير النافع؟. .
سؤال نقف عنده إذ ليس لدينا من الأدلة التاريخية إلا الآثار الموجودة التي ستستنبط منها ما يكون موافقاً للأحكام التاريخية فنقول: سكن هذه البلاد كما روى التاريخ من الأمم ذات الحضارة والمدنية والسلطة الكنعانيون والآراميون واليونانيون السلوقيون والتدمريون والرومانيون والمسلمون فالأمم الأربع الأولى هم سكان البلاد الأصليون والاثنتان الباقيتان هم الفاتحون الذين قطنوها بعد الفتح فأي أمة من هذه الأمم قامت بتشييد هذا المحل يا ترى؟ المسلمون؟. . لا لأن الآثار الموجودة ليست من أيامهم بل هي أقدم منهم بقرون عديدة كما أنها ليست من أعمالهم ولو كانت ذلك لدنوها في كتبهم وكذلك الرومانيون لم يكون إلا أمة فتوح واستعمار لا أمة علم وفن ولم يبرزوا إلا في بناء المعاقل والحصون في الصحاري لصد صدمات المهاجمين وقلما تنفع دولة مستعمراتها كما تفيد ممالكها الأصلية