ومستنبح بات الصدى يستتيهه ... فتاه وجوز الليل مضطرب الكسر
رفعت له ناراً ثقوباً زنادها ... تليح إلى الساري هلم ال قدري
وأنشد أيضاً في معناه:
ومبدٍ لي الشحناء بيني وبينه ... دعوت وقد طال السرى فدعاني
يعني كلباً نبح له فنبح فاهتدى به فكأنه دعاه بنباحه. والأبيات في هذا المعنى كثيرة لا فائدة من سردها في هذه العجالة. وفي معنى استنبح أيضاً كلب الرجل يكلب من باب ضرب واستكلب أنشد ابن سيده في المخصص على الأول:
وداعٍ دعا بعدما أقفرت ... عليه البلاد ولم بكلب
وأنشد صاحب اللسان على الثاني: ونبح الكلاب لمستكلب:
(ومنها) قول لبيد:
ولقد حميت الحي تحمل شكتي ... فرط وشاحي إذ غدوت لجامها
الفرط بضمتين الفرس المتقدمة السريعة والمعنى أنني توشحت بلجام هذه الفرسوهو مبني على عادة ذكرها التبريزي في شرح المعلقات وهي أن الفرسان كان أحدهم يتوشح لجام فرسه ليكون ساعة يفزع قريباً منه وتوشحه إياه أن يلقيه على عاتقه ويخرج منه يده. ومنه قول زياد بن حمل من شعراء الحماسة:
ليست عليهم إذ يغدون أردية ... إلا جياد قسي النبع واللجم
(ومنها) قول القائل:
قلبت ثيابي والظنون تجول بي ... وترمي برجلي نحو كل سبيل
فلأيا بلأي ما عرفت جليتي ... وأبصرت قصداً لم يصب بدليل
لأن عاداتهم كانت إذا ضل رجل منهم في فلاة قلب قميصه وصفق بيديه كأنه يومي بهما إلى إنسان يزعمون أنه إن فعل ذلك اهتدى. هذا ما تيسر لي جمعه الآن فإن ظفرت بشيء بعد ذلك ألحقته به.