للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أو الإنكليزية أو الروسية أو الجرمنية كلمة يكلم رفيقه بإحداهن قبل انقضاء الأعوام عليه وكيف يقبل السوريون مثل هذه الشريعة الشريعة المدرسية الظالمة التي تكم فم التلميذ وتعوده الخيانة اضطراراً لقضاء حاجاته الضرورية وتنشئه على حب لغة غير لغته ووطن غير وطنه ولو أن المدارس السورية توجب التخاطب بلغة أجنبية في ساعة واحدة معينة للتلاميذ لكان إيجابها معذوراً وإن لم يكن له مثيل في أي مدارس أوروبا وأميركا وإنما هو الاحتقار يركب الطلاب! والمدرسة التي لا تصان فيها اللغة الوطنية تكون عدوة الشعب ولو كان منشؤها من الصرحاء.

إن البلاء ليس في الادعاء وحده بل في اختزال كل منا رأيه والتصرع والتصاغر للأجنبي والتمروء الظاهر تكلفه والتفوق البادي تحيفه مع الوطني وريح التخاذل حتى في اللغة تنجف كل ذروة باقية في جرفها وتحتمل كل درة كنا نعرفها قبل عصفها ولله في تدابيره شؤون.

وهناك آفة جديدة على اللغة من إهمال معاجمها المعروفة وعدم تنقيحها وتصحيحها وإدخال الموضوعات الحديثة إليها ففي أي معجم نرى تفسيراً عصرياً للمجهر والندي والرعاد والمنطاد مثلاً أو جمعاً لشتات ما أجمع على صحته المحققون أو توسعاً في الاشتقاق والنحت والقلب والإبدال والتركيب والإدغام مما لا غنى عنه في لغة حية بل نرى أن كل معجم يطبع حديثاً يجرد من الكثير من أصوله بدوى حفظ آداب الناشئة وصون أخلاقها. فليكن ذلك. ولكن بعد بذل شيءٍ من العناية لزيادة الضروري للكبار كإنقاص الضروري للصغار.

الفيلسوف اللغوي يجد في كل معجم لغوي حديث زيادة جديدة وشروحاً مفيدة إلا في العربية الباقية كالرسوم الدوارس مع تعداد المدارس. وترى المثقفين والمهذبين ينشرون صفحات الحريري والبديع ومجمع البحرين وأمثالهما لإشراب الطلبة روح المخادعة والمصانعة والجبانة والخيانة والحيلة والرذيلة على غير قصد منهم أو بقصد استظهار الشوارد والأوابد ويطوون صفحات كل كتاب يكون أفيد وأعود وأنفع وأرفع لأنهم لا يزالون كالفلاحين الشرقيين محافظين على المحاريث القديمة.

ومن عيوب العربية إيراد جموع لا مفرد لها وأفعال لا مصدر ولا ماضي لأحدها. فهل