أميرها، وعليه مدار أمورها، فلما دخلوا عليه من بابه، واجتمعوا تحت قبته ومحرابه كتب لهم جامع النيرب قصة إليه، وتوصلوا إلى من عرضها عليه، فكانت الرقعة مسطورة على هذه الصورة.
المماليك مساجد الكورة يقبلون الأرض بين يدي الملك المعظم، الرفيع المكرم، كهف الدين جمال الإسلاموالمسلمين، بيت الاتقياء والصالحين، مدفن الأنبياء والمرسلين معتد الملتين، صاحب الدولتين، بيه أمير المؤمنين أعلا الله مناره، وأيد أنصاره، وعمر بالتوحيد أقطاره، وينهون إليه ما يقاسون من جور العمال. وتضييع الأعمال. ونهب الوقوف. وخراب الحيطان والسقوف. قد ألفهم الظلمة والظلام. وأنكرهم المؤذن والإمام. فلا تسمع فيهم إلا آذان البوم. وتسبيح الغراب. قد ركعت أركانها. وسجدت سقوفها وحيطانها. تبكي عليها النواقيس. وترثي لها البيع والكنائس. يا ويح من يرثي له الشامت. وقد فزهنا أيها الملك إلى بابك. وأوينا تحت جناحك. فافعل بنا ما هو الأهل بك والسلام.
فلما وقف على هذه الحكاية. وفهم مقتضى هذه الشكاية. استوى جالساً في مقعده وضرب بيده على يد. وقال: وكيف أم للإنسان ما تمنى ثم رفع رأسه وغنى
وما شرب العشاق إلا بقيتي ... ولا وردوا في الحب إلا على وردي
ثم أشرف عليهم من إيوانه. بين حفدته وأعوانه. وأقبل يقلب طرفه في الجموع ويكفكف أسراب الدموع. لما يرى من اختلالهم وفساد حالهم. فابتدر جامع المزة للمقال. فتقدم بين يدي الملك وقال: الحمد لله الذي قضى علينا بالخراب. وصير أموالنا كالسراب. وجعنا مأوى للبوم والغراب. أحمده حمد من كان فقيراً فاستغنى. وأدرك بما الوقف ما تمنى. وأشهد أن لا إله إلى الله وحده لا شريك له شهادة عالم عامل. متحمل لثقل الأمانة حامل. وأشهد أن محمداً عبده ورسوله الصادق الأمين صلى الله عليه وعلى آله الطاهرين الطيبين الأكرمين. أما بعد أيها الملك السعيد ثبت الله قواعد أركانه وشيد ما وهى من بنيانك. فإن الخراب قد استولى على المساجد حتى خلت من الراكع والساجد. فأصبحت جوامع الغوطة غيطان. لا سقوف لها ولا حيطان. ومشاهد البقاع. صفصفاً كالقاع. ومساجد حوران. مخازن وأفران. فكم من بنية لعب الجور بأربابها. ونسج العنكبوت وكم من بيوت الله أغلقت دون أصحابها فعشعش الحمام في محرابها. ومن أظلم ممن منع مساجد الله أن يذكر