فيها اسمه وسعى في خرابها. وقد دخل العمال أيها الملك على الوقوف. بحجة العمارة والسقوف. فاتفقت علينا الأهواء. واختلفت فينا الأمطار والأنواء. فلا يزال بنها. وتأخذه السيول والأمطار. حتى يمنحني رسمه. ولا يبقى منه إلا اسمه. وأنت أيها الملك عمادنا. وإليك بعد الله معادنا فالتفت أيها الملك إلى مالنا. وانظر في مصالح أحوالنا. يصلح الله أحوالك ويسدد أقوالك وأفعالك والسلام.
ثم جلس فقال الملك: هؤلاء المساجد. فما بال المشاهد. فبرز مشهد برزة متوكياً على مشهد الأرزة وهو يصلصل ويصول ويلطم وجهه ويقول:
كلما حاولت أشكو قصتي ... لا ألاقي غير ذي قلب جريح
يتشكى مثل شكواي له ... يا لقومي ما عليها مستريح
أما بعد أيها الملك السعيد أدام الله جمالك وبلغك في العدو آمالك فإن مقام إبراهيم، أصبح في كل وا يهيم، ومغارة الدم، لا تستفيق من الذم، ومسجد الكهف، لا يفتر من اللهف، وقير شيث، قد استأصله الخبيث، وقبر نوح، يبكي وينوح، وقبر جيلة، مالنا في عمارته حيلة، وقبرإلياس، قد تعوضنا عنه باليأس، فأمست المشاهد كأربابها، وأصبحت رميماً كأصحابها، قد محتها الغوادي، وحد بها الحادي،
جرت الرياح على رسوم ديارها ... فكأنما كانوا على ميعاد
فقال الملك رب طارق على غير وعد، وفي كل واد بنو سعد، ثم استفتح المقال بأن قال: الحمد لله الذي لا يحمد على المكروه سواه، نصب صراط العدل وسواه، وأمده بعونه وقواه، فمن أضل ممن اتبع هواه، وأضله الله على علم، وختم على سمعه وقلبه، أحمده على ما رزقني من الأحمال، وأشكره على ذهاب العرض والجاه والمال، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمداً سيد الأولين والآخرين رسول الله، أما بعد معشر المتكلمين، وطائفة المساجد المتظلمين، فإنه والله ما يصل إليكم من الجور إلا ما يفضل عني، ولا ينتهي إليكم إلا ما يستعار مني، ولولا أن أركاني سليمة، وبنيتي قديمة، لأصبح جامع بني أمية، يغني عليه يا دار مية، وقد والله شرقت بغصتكم، وحرت في قصتكم، إن رفعت أمركم إلى الملك العادل، ردكم إلى الشيخ العاذل، فلا يرعى لكم حرمة، ولا يراقب إلا ولا ذمة، شكوى الجريح إلى الغربان والرخم، والرأي عندي أن تكتبوا للشيخ قصة، ولا تتركوا