والعرب بسبع عشرة سنة دبر الإسرائيليون مكيدة بمعاونة قبائل البربر اليهود من أهل إفريقية وكادوا يستولون على زمام المملكة الإسبانية. فاكتشفت المكيدة التي دبروها وأخذ المسيحيون يعاملون الإسرائيليين معاملة العبيد الأرقاء وكاد يقضى على العنصر اليهودي عندما بدت طلائع الفاتحين من العرب. اعتبر اليهود العرب مخلصين لهم فاطمأن المسلمون إليهم وأخذوا يعاملونهم معاملة حلفاء لهم وكلما كان يفتح العرب مدينة يجعلون نصف حاميتها من اليهود والنصف الآخر من المسلمين ولم يستثن من ذلك إلا مدينة مالقة حيث قصراليهود فلم يتداخلوا في أمرها.
وكان لليهود شأن وأي شأن مع العرب فكان من يناله اضطهاد المسيحيين على أوائل الفتح العربي يدخل في الإسلام ويتحرر من قيود العبودية فمن ثم أصبح اليهود حلفاء المسلمين يتمتعون بأراضيهم وأموالهم وحريتهم في عبادتهم وغدت لهم مكانة في تنظيم شؤون إسبانيا ولاسيما في غرناطة التي ازدهرت بمساعيهم وغدت تسمى في أواخر القرن العاشر مدينة اليهود ثم حدثت م١بحة سنة ١٠٦٦ فقتل فيها من الإسرائيليين أربعة آلاف رجل في غرناطة وحدها.
ولم يكن المسيحيون الأحرار في الأندلس مثل العبيد واليهود من أعوان الفتح العربي بل كانوا خصومه ومع هذا كنت تراهم على حالة حسنة مع الفاتحين ممتعين بحريتهم المذهبية ومحتفظين بالقسم الأعظم من كنائسهم وكثير منهم دانوا بالإسلام سياسة أو اعتقاداً لاسيما وقد رأوا المسلمين نالوا النصر المؤزر الباهر. والسبب في تسامح العرب مع نصارى إسبانيا أن مركز العرب كان إلى التقلقل وكلمتهم مختلفة وذلك لأن العرب والبربر يكره بعضهم بعضاً. ثم إن العرب بطبيعتهم مفطورون على التسامح الديني وكان النصارى وحدهم يدفعون الجزية حتى إذا أخذوا يدينون بالإسلام فرغت خزائن الحكومة العربية لقلة الجزية الواردة إليها ثم إن المسلمين أخذوا يتزوجون من الإسبانيات اللائي كن بجمالهن أعظم صلة للامتزاج بين الفاتحين وخصومهم.
وكانت تجري على سادات الإسبانيول أحكام الإسلام فيختلطون بأشراف العرب ومن ظل محتفظاً بدينه منهم نسي مبادئه فصار يحجب نساءه كالمسلمين ويقتدي بأزيائهم وألبستهم وعاداتهم في مآدبهم ورفاهيتهم وخلاعتهم ويزهد في اللغة اللاتينية ويجتهد في تعلم اللغة