الملوك من آمن بالله وحاكم بكتابه وسنه نبيه صلى الله تعالى عليه وسلم وإنكم اليوم على خلافة النبوة ومفرق المحجة وسترون بعدي ملكاً عضوضاً وملكاً عنوداً وأمة شعاعاً ودما مفاحا فإن كانت للباطل نزوة ولأهل الحق جولة يعفو بها الأثر ويموت لها البشر فالزموا المساجد واستشيروا القرآن والزموا الطاعة ولا تفارقوا الجماعة وليكن الإبرام بعد التشاور والصفقة بعد طول التناظر أي بلاد كمخرسة (إن الله سيفتح عليكم إفصاحاً كما فتح عليكم أدناها).
وبعد فإن معاوية مبدأ شقاء هذه الأمة بملوكها أفسد أمرها كما قال الحسن البصري ليحقق أطماع نفسه ولم يكفه سفك دماء المسلمين في وقعة صفين حتى قام يعهد بالخلافة لابنه يزيد من بعده وفي العرب وقتئذٍ من رجالات قريش والصحابة بقية صالحة اضطرهم إلى مبايعة يزيد والسيوف مصلته على رقابهم في مسجد المدينة واحتال لذلك بكل حيلة تأبى النفس الشريفة أن تأتيها. فأصبح خلفاء الإسلام بعد أن كانوا مساوين للرعية أرباباً يتحكمون بالأموال والدماء والأعراض تحكم الحر المطلق الذي لا يسأل عما يفعل يقومون بضعف الناس ويغتنون بإفقارهم ويعتزون بإذلالهم.
جاء خلفاء من بني أمية وبني العباس عقلوا معنى الخلافة وأدركوا حقوق الرعية وعرفوا أن الشورى لا تستقر إلا إذا كان الخليفة كاملاً في ذاته وصفاته فأحبوا أن يجعلوا الملك بانتخاب الأصلح بعدهم كعمر بن عبد العزيز الذي مثل الخلافة الإسلامية على قاعدة الشورى أحسن تخيل ولطالما قال وقد رأى محمد بن أبي بكر: لو كان لي من الأمر شيء لقلدته أخلاقه بعدي. ولكن بني مروان يشق عليهم أن تخرج الخلافة عن رسمها القيصري الذي رسمه كبيرهم لتكون كالبقرة الحلوب ينتفع بها الأقرب فالأقرب من خليفة.
وكذلك فعل المأمون وقد رأى على بن موسى الرضا أعقل أهل السنة بالتشيع والشيعة بالاعتزال وهو المفرد العلم في عدله وسيرته وإيثار مصلحة الأمة على مصلحة نفسه، ىلة.
ومنذ ضعف أمر بني العباس واستولى ملوك الطوائف ضعف أمر الخلافة بن ذهب رسمياً جمعة وأصبح الملوك بحسب الاتفاق أن صلح واحد من مئة يجيء أخلاقه يفسدون ما وضعه. ساعد على ذلك في الأكمثر ضعف الآداب والأخلاق وزهد المتأخرين بعلوم الدنيا