واستولوا على المدينة المنورة ولبثوا في الحرمين سبع سنين والدولة مشغولة عنهم بالحروب مع دول أوروبا إلى سنة ١٢٢٦ فصدر الأمر السلطاني إلى محمد علي باشا والي مصر بقتالهم فسير ولده طوسون باشا بجيش ملك الينبع وحأول أن يتقدم فاجتمعت عليه العرب وهزموه ولم يرجع من جيش مصر إلا القليل ولم يكن المصريون هذه المرة قد راسلوا الشريف غالب في أمر عربان الحجاز وقتلت أرض جاهلها فلما بلغ ذلك محمد علي سير جيشاً آخر سنة ١٢٢٧ ومعه عدة مدافع وراسلوا الشريف غالب سراً فأشار عليهم بما يجب أن يفعلوه من سياسة العرب فاستمالوا مشايخ حرب بالمال واستولوا على المدينة وعلى جدة ثم على الطائف وكان أكثر ذلك بحسن تدبير الشريف غالب ووصلت البشائر باسترداد الحجاز إلى الأستانة ومصر فتزينت دار الخلافة ومصر وسائر البلاد فرحاً وسروراً.
وفي سنة ١٢٢٨ سار محمد علي بنفسه إلى مكة وأخذ يرتب الأمور ويبعث بالزحوف إلى بلاد عسير وغامد وزهران لقطع دابر السعوديين فأخمد جمرتهم وأناط من هناك معرتهم وأغرس نعرتهم لكنه عزل الشريف غالباً وأقام مكانه ابن أخيه الشريف يحيى بن سرور بن مساعد وتوجه الشريف غالب إلى دار السعادة وتوفي في سلانيك سنة ١٢٣١ وكان مدة إقامته هناك معززاً مكرماً وآلت أخيراً إمارة مكة إلى محمد بن عون من الأشراف الحسينية لكنه ليس من بيت الإمارة المتسلسلة فيهم وإنما أنهى له بها محمد علي باشا وجاءه التقليد من دار الخلافة ومن ثم صارت إمارة مكة مراوحة بين هذين البيتين الكريمين ذوي زبد وذوي عون تارة يتولاها أحد أبناء الشريف محمد بن عون وطوراً تعود إلى أصلها في ذوي زبد ويستقر الأمر في نصابه إلى أن كانت إمارة الشريف عبد المطلب جد الشريف حيدر باشا الأمير الجديد فتولاها ثم عزل عنها وآخر مرة جرت بحقه دسائس لم يأخذ منها حذره فعزل وخلفه الشريف عون الرفيق باشا من ذوي عون فبقي فيها مدة طويلة إلى أن توفاه الله فخلفه أخوه المرحوم الشريف عبد الإله باشا ولكن ما كاد يبلغ الإرادة السنية بتقليده إمارة مكة حتى توفي وأسندت الإمارة إلى ابن أخيه الشريف علي باشا فلما حصل انقلاب الشريف المشار إليه عن كرسي الإمارة فذهب وأقام بمضر وتولى مكانه ابن عمه الشريف حسين باشا وهو فيها منذ بضع سنين.