بينه وبين القيصر لاسيما أن القيصر كان يومئذ يستنيان من أشد الإمبراطورين تحمساً للدين وأنه (على ما روى العرب) أزوجه ابنته.
سابعاً: ومن الدلائل على نصرانية امرئ القيس نصرانية عمته هند بنت الحارث المعروفة بهند الكبرى. . . وقد ذكرنا في المشرق (٥: ١٠٦٠) الكتابة التي وضعتها في صدره وفيها تدل على نصرانيتها ونصرانية أبيها الحارث وابنها عمر بن هند. . .
ثامناً: وكذا قل عن نصرانية أم امرئ القيس التي تسمى فاطمة بنت ربيعة بن الحارث وكانت من تغلب وأخواها كليب والمهلهل التغلبيان ولا أحد يجهل أن تغلب كانت تدين كلها بالنصرانية.
تاسعاً: وأقوى من ذلك ما كتبه المؤرخ ننوز وهذا الرجل العظيم أرسله يستنيان إلى الحبشة وإلى امرئ القيس الكندي وهو يدعوه قيساً ليولي امرأ القيس فلسطين فلما عاد إلى القيصر وأتم ما عهد إليه كتب خبر رحلته في تأليف وقع في أيدي فوطيوس فاختصره في مكتبته الشهيرة. . .
عاشراً: ويؤيد قول ننوز المؤرخ الشهير بروكوب من الكتبة المعاصرين لامرئ القيس. . . انتهت الأدلة.
فنحن الآن نجيب على كل واحد منها مستهلين بالنتيجة التي استنتجها من بحثه هذا وقد صدّر بها حججه الدامغة فنقول:
لو فرضنا أن امرأ القيس لم يكن وثنياً فلا يستنتج من ذلك أنه كان إما يهودياً وإما نصرانياً لأن عدة أديان كانت في بلاد العرب وأصحابها من الموحدين وهم مع ذلك ليسوا من اليهود ولا من النصارى. فما على حضرة الأب إلا أن يفتح كتاب الشهرستاني فيرى ذكر فرق دينية جمة كلها في بلاد العرب وكان أصحابها موحدين. لكن لما كان ذكرها يطول هنا فنضرب عنها صفحاً ونحيل القراء الكرام على مطالعتها في مظنتها. على أنه لا يجوز لنا أن نسكت عن الحنيفية إذ كانت شائعة ذائعة في بلاد العرب كلها ولاسيما في بلدح ومكة والطائف ويثرب وغيرها. قال الشهرستاني: من العرب من كان يؤمن بالله واليوم الآخر وينتظر النبوة وكانت لهم سنن وشرائع. . . فمن كان يعرف النور الظاهر والنسب الطاهر وينتظر المقدم النبوي: زيد بن عمرو بن نُفيل (وهو الذي نصّره حضرة الأب ودوّن اسمه