ويستلزم تفرع هذه الفروع العديدة من لغة واحد دهراً طويلاً.
وبحث جمهور من علماء القرن المنقضي عما إذا كان هنود أمريكا من أصل قبل الطوفان أو بعده فكانت نتيجة أبحاثهم بأن أقرّ فريق منهم على أن الهنود من أصل قبل الطوفان. وذهب فريق آخر إلى أن أصلهم من بعد الطوفان. والحقيقة أنه ليس هناك أدلة تدل دلالة صريحة بحسب قوانين العلم الحديث على كون هنود أمريكا من خمسة آلاف سنة. ويقول علماء الدين إنه انقضى على الطوفان نحو أربعة آلاف سنة. فإذا صح هذا الزعم فيكون مذهب الذاهبين إلى أن الهنود من أصل بعد الطوفان فاسداً.
ورجع علماء أصول اللغات في هذا العصر أن أصل لغة الهنود ساميٌّ وإن هؤلاء الهنود من آسيا. ولقد تأملت ملياً في كثيرين منهم في أوقات مختلفة فوجدتهم يشبهون الكلدان وعرب البادية من وجوه كثيرة. وغنيّ عن البيان أن قارة آسيا أقرب القارات من قارة أمريكا الشمالية. فالحاجز بين القارتين خليج بيرين المعروف.
* * *
عرف عام ١٨٩١ أن لكل قبيلة من الهنود لغة مختصة بها وثبت أن للهنود ٥٩ لغة. أما عدد عشائرهم فقد ناهز الثمانمائة عشيرة. وعدد الهنود في الولايات المتحدة الآن ٢٦٧. ٠٠٠ نفس ٨٠ ألفاً منهم على جانب من التمدن و١٧٧. ٠٠٠ لا يزالون على جانب عظيم من التوحش كما كانوا في القرون الغابرة و٦٠ ألفاً يحسبون من جماعة المصوتين في انتخابات الرؤساء والحكام والولايات. ولم يبق من أملاك الهنود الخصيبة التي كانت على التحقيق ٢٧٦ مليون آكر غير سبعة ملايين وأكثرها من الأراضي التي لا تصلح لغير رعي الماشية.
ويرد تاريخ مساعي حكومات الولايات لتهذيب الهنود إلى عام ١٧٧٥ فإنها أخذت على ذاك العهد تنفق المبالغ الطائلة في تعلمهم فذهبت تلك الأموال ضياعاً لأن الهنود غلاظ الرقاب ميالون إلى اللهو وقضاء العمر في التنقل من بقعة إلى أخرى. ولئن ذهبت أتعاب الولايات المتحدة بدون جدوى في أول الأمر فإن هذه العقبات لم تقف في طريق الحكومة الغيورة على تهذيب شعوبها. فقد جدد مجلس الأمة الهمة عام ١٨٧٧ وبدأ بافتتاح المدارس الخصوصية للهنود لتعليمهم أولاً القراءة والكتابة والحساب. ثم العلوم وواجباتهم نحو الدولة