ولم يأت ربع قرن على تأسيس تلك المدارس بين الهنود حتى استنار كثيرون منهم بقبس المعارف وأصبحوا يعدون من رجال الدولة والأمة فكان من حكومات الولايات أنها أبدت بما قامت مثالاً لكل دولة لا تحفل بتهذيب شعوبها وأن التهذيب هو مطلب هذا العصر وأن العزائم القوية تبدد غياهب الجهل وأن الهمم العلية تخترق جبال المصاعب.
وبعد فقد كان الهنود سابقاً يعدون بالملايين أما اليوم فقد انقرض معظمهم ولم يبق منهم أكثر من ٤٠٠ ألف نفس ذلك لأن حكومات الولايات حصرتهم في بقاء خاصة في أمريكا الشمالية. فحرموا من المنافع الصحية التي كانوا يتمتعون بها أيام كانوا يمرحون ويسرحون في طول البلاد وعرضها أيام لا منازع ينازعهم ولا حاكم يقيد حديثهم أيام كانوا يعيشون من خيرات الأرض الطبيعة وصيد الحيوانات.
ومن أسباب انقراض نسل هذا الشعب المتوحش القديم حصرا لزواج في العيال والعشائر ولولا اختلاط زواج الهنود ببيض أوروبا وعبيد أفريقيا لكان عددهم اليوم قليلاً جداً. ولعل لبقاء إلا نسب فعلاً في الأمر والله أعلم.