وعندي أن كربلاء منحوتة من كلمتين آشوريتين وهما:(كرب) و (إيلا) ومعنى الكرب: الحرم وأيلا: الإله. فيكون محصل المعنى: حرم الله أو حرم الإله كان لهم هناك وهذا يدل على أن هذا الموضع كان في سابق الزمن حرماً لإله من آلهة الآشوريين أو الكلدانيين أو ما ضاهأهم من أمم تلك البلاد المنقرضة الممحوقة. ووجود الإحرام (جمع حرم) عند تلك القرون أمر مشهور لا يحتاج إلى تنبيه الأفكار إليه. وعليه فكانت كربلاء في سابق العهد إما بمنزلة الحرم لأحد الهتهم. وإما إنه كان فيه محراب أو هيكل يعبد فيه. لأن لفظة (حرم) عند الآشوريين (وكذا عند الوشيين والحبش) تعني كلا الأمرين يعني الحرم والمحراب.
والظاهر أن (الكرب) مبدلة من لفظة (الحرم) أو هذه من تلك. فقال بعضهم فيه (الحرب) على لغة مازن أي ممن يبدل الميم باءً كما قالوا: البوباء والموماة. والصرم والصرب ورجل بجباج ومجماع الخ. ومن بقايا الحرب بالعربية المحراب وهو بمعناه أو يكاد. ولا جرم أن (الكرب) بمعنى (الحرم) كان معروفاً عند بادية العرب ثم أميتت اللفظة بعد أن ولد من عقبها لفظ محراب فعاش إلى يومنا هذا بعد أن قتل ذاك ولما صارت الكلمة بلفظ الحرب تلقاها عرب آخرون من مجاوري الأشوريين أو تلقى الأشوريين اللفظة عن العرب أو لما اختلط الأشوريون بالعرب وكان يصعب على الأشوريين النطق بالحاء إذ هي غير موجودة في لسانهم أبدلوها بالكاف وفي بعض الأحيان بالخاء فإنتقلت اللفظة من صورة (حرب) إلى صورة (كرب). بل أن بعض العرب كانت تبدل أيضاً الحاء كافاً. فقد قالوا الحثحث والكثكث. وأكثر النخل وأحثر الكأبي والحأبي.
ووقوع حرفين مبدلين في الكلمة الواحدة غير منكر عند العرب فقد قالوا: السبت والشبت ولغنك ولعلك وفلان منسرح من الكرم ومنسلخ. إلى أخر ما هناك وعندنا غير هذ١هـ الأمثلة تربي على المئات.
وأما من ذهب إلى أن كربلاء منحوتة من (كرب) و (بلاء) فمن الأقوال السخيفة الواهنة التي لا تحتاج إلى إظهار ما فيها من بعد التأويل واسم الموضع معروف قبل وجود العرب فيه. فتأمل.
وأسخف من هذا كله قول أن كربلاء سميت بهذا الاسم أخذاً من الكربلة مصدر كربل. وكربل الشئ خلطه لأن ترابها مخلوط برمل. وقيل من كربل الحنطة غربلها لأن ثراها