باعهم فاعتراضهم لم تزعزع القواعد التي تقرر حكمها أبداً.
جراثيم الميكروب وصئبانه
لم يفتر وباستور من تحصين اكتشافه واستكمال الفوائد والشروط للاحتراز فيها من الفشل. من ذلك أنه عندما أطلع بأن بعض الميكروب لم تهلكه حرارة الماء التي تغلي والقدر مكشوفة بل كان يبقى بعضه حياً من بعد الغليان أما على الزجاجات أو فيها فيفسده أخذ يسخنها والزجاجات إلى درجة ١١٠=١٢٥ من الحرارة في القدر المعروفة باسم مخترعها بابن.
وعرف شريدر أيضاً ذلك فصار إما يسخن المواد الآلية بالقدر المذكور أو يتركها تغلي على العادة القديمة بضع ساعات. ولا يخفى أن من الميكروب الذي لم تممته حرارة الماء الغالي هي جراثيمه أو وصئبانه. واكتشف وباستور سنة ١٨٦٥ جراثيم أو بيضات ونسجها صئباناً لكل من أنواع الميكروب تخلفها هي فيتكون منها النسل.
وأشهر من توغل في البحث عنها المعلم كوخ الألماني ونشر فيه كتاباً سنة ١٨٧٦ وأظهر بأن جميع الميكروب وهو في إبان نشوئه ونموه يهلكه الماء المغلي بل أقل حرارة من درجتها إنما جراثيمها تحتمل بطراً شديد الأجاج وأظهر أيضاً بأن الحرارة الرطبة أنجع منها يابسة لأهلاك تلك الجراثيم فجعل بعض أنواعها في حمام جاف حرارته١٢٠ مدة أربع ساعات فلم تهلك ولكن تم ذلك بمدة ساعتين في حمام درجة حرارته ١٤٠ وأما الحرارة الرطبة أعني في حمام فيه بخار الماء فمائة درجة من الحرارة تكفي غالباً لأهلاكها تماماً بمدة قصيرة. ولأجل الحصول على الأمنية التامة في ذلك علمنا كوخ بان نكرر عملية التسخين في حمام البخار المذكورة بضع دفعات بين بعضها عدة ساعات ريثما يبرد السائل. فالجراثيم التي لم تهلكها الحرارة تنتعش وتنمو حينئذ فقبل أن يدرك وقت تخليفها وضع السائل من جديد في حمام البخار فيهلك الميكروب الناشئ فيه. فإذا أعيد ذلك مرة أخرى أو أكثر تتحول الصئبان كلها إلى خلايا ناضجة فتهلك ويحصل كذلك التعقيم التام.