للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

الشعب أن تدخل العروس بعد الطعام حاملة كأساً تقدمها لرجل تختاره من الجماعة فوقفت أمام اليوناني ومدت الكأس نحوه. فظهر للقوم أن هذا العمل كان بإلهام من السماء إذا لم يكن متوقعاً. فما كان من الزعيم الغالي إلا أن تزوج أوكسينس من ابنته وسمح له بأن يؤسس ورفاقه مدينة على خليج مرسيليا ثم رأى أهل فوسي أن الجيش الفارسي يحاصر مدينتهم فقاموا يعدون لهم سفناً تقل عيالهم وأثقالهم وأصنامهم وحلي معابدهم وغادروا بلدهم ماخرين في سفنهم وأقسموا عند منصرفهم أن لا يعودوا إليها إلا إذا عامت على وجه الماء الحديدة المحماة التي ألقوها في البحر. وقد نكث كثير منهم بالعهد وعادوا إلى مسقط رؤوسهم أما الباقون فظلوا يشقون العباب بعد العباب حتى وصلوا إلى مرسيليا بعد أن تجشموا أهولاً كثيرة. وأسس الأيونيون مدينة ميلت تاركين نساؤهم وراءهم واستولوا على بلد يقطنها ناس من آسيا فذبحوا الرجال وتزوجوا النساء وبناتهم قسراً. ويقال أن هؤلاء النساء أقسمن أن لا يتنأولن الطعام مع أزواجهن وأن لا ينادينهم بيا أزواجنا. عادة بقيت قروناً يعمل بها نساء ميلت. أما مستعمرة برقة في أفريقية فقد أسست بأمر صريح من المعبود أبولون ووحي منه. فلم يكن سكان مدينة تيرا الذين أمروا بذلك يحاذرون من نزول بلد مجهول ولم يعملوا بهذا الأمر إلا بعد سبع سنين وكانت جزيرتهم عرضة للجفاف فاعتقدوا أن أبولون ساقهم إلى تلك الجزيرة عقاباً منه لهم. وحاول الطوارئ الذين أنقذوهم أن يرجعوا فدأهمهم مواطنوهم وأكرهوهم على السفر. وبعد عامين في إحدى الجزر وقد خانتهم فيها أسباب النجاح انتهى بهم الحال أن يستوطنوا أبد الدهر مدينة برقة فكان منها مدينة عأمرة راقية.

خطورة المستعمرات - شأن هذه الطوارئ أن تؤسس حكومة جديدة في كل مكان تنزله ولا تخضع لأم القرى التي انفصلت عنها بتة. وهكذا بلغت الحال بأن كان البحر المتوسط محاطاً بمدن يونانية كل منها مستقلة تمام الاستقلال. فأصبح كثير من هذه المدن آية في غناه وقوته لم تضاهه بهما المدن التي خرجت منها وكان لها أصقاع أوسع وأخصب وسكان أوفر وأكثر. ويقال إنه كان في مدينة سيباريس في إيطاليا ثلاثمائة ألف رجل يحمل السلاح وأن كروتون جيشت جيشاً مؤلفا من مئة وعشرين ألف مقاتل وفاقت سيراكوزة في صقيلة وميلت في آسيا بقوتهما مملكتي إسبارطة وأثينية وكان يدعى جنوب إيطاليا يونأن