العجب بحيث لا ينفكون عن اضطهاد من تسأهل في تقديم الضحايا لهم. ولما أعجبت نيوبي ملكة ثيبة بكثرة أسرتها لم يصعب عليها أن رأت الرب أبولون يصمي أولادها بالسهام ويمزقهم كل ممزق. وكان من حال تلك الأرباب في الحسد بحيث لا تتمالك من رؤية إنسان بلغ غايات السعادة. فاليونان رأوا السعادة من أعظم الأخطار لأنها تجلب غضب الأرباب حتماً ولذلك ابتدعوا ربة للغضب والانتقام سموها نيميزيس ويذكرون لها قصصاً كالآتية مثلاً: ذلك أن بوليكراتس الظالم من أهل الجزيرة سيسام خاف يوما أن حسد الأرباب إذ غدا ذا طول وحول وكان يملك خاتم ذهب له موقع كبير من نفسه فألقاه في اليم لئلا تكون سعادته مشوبة بالشقاء ثم أن صياداً أحضر لبولكراتس ذات يوم سمكة عظيمة وجد خاتمه في جوفها فكأن ذلك في نظره شؤماً دالاً على وقوع المصيبة الأكيدة، فحوصر بعد في مدينته وأخذ وصلب وعاقبه أرباب يونان على سعادته نالها وحظ من النعم أصابه.
عرف بهذا أن الميثولوجيا اليونانية كانت عارية عن الأخلاق إذ كان الأرباب قدوة سيئة للناس قال ذلك فلاسفة اليونان وضيقوا على الشعراء الذين نشروا هذه الحكايات وذكر أحد تلاميذ وفيثاغورس أن معلمه أطلع على الجحيم فرأى فيه روح هوميروس الشاعر مصلوبة في شجرة وروح أزيودس مدلاة في دعامة عقوبة لهما على أهانتهما الأرباب وقال كسينوفإن أن هوميروس وازيودس قد نسبا للأرباب أعمالاً من شأنها أن تكون عاراً بين البشر وشناراً عليهم وهناك إله واحد لا يشبه البشر ولا بعقولها وكان يزيد على ذلك قوله: لو كان للبقر والأسود أيد واستطاعت أن تصور كالناس لصنعوا للأرباب أجساداً تشبه أجسادهم ولجعلت أعين للأرباب أجساداً كالخيل والبقر. والناس يذهبون إلى أن للأرباب إحساساً وصوتاً وجسداً. هذا قول كسينوفإن وهو من الحق والعدل بمكان إذ جعل اليونأن الأول أربابهم على صورهم مثل ما كانوا عليه في ذاك العهد سفاكين غدارين حسودين معجبين وكذلك كان أربابهم. ثم صاروا على نية التحسين في أخلاقهم ينشأ أخلافهم متبرمين من هذه المبادئ كلها عازفين عنها ولكن تاريخ الأرباب وأخلاقهم كانت مقررة بحكايات قديمة أخذها أهل الأجيال الحديثة ولم يجرؤوا على تغيير أرباب أجدادهم الفظة السفيهة بغيرها.