لهن ذمامهن. ومات المركيز شالابر في القرن التاسع عشر قانطاً مخفقاً لكونه لم يتمكن من ابتياع نسخة من التوراة ثمينة. قيل إنه كان في محفظة جعلت في جلدها أوراق مالية بأربعين ألف فرنك فعثر عليها الكتبي لما اشتراها من صاحبتها فأعادها إليها. وقضى بيترارك (١٣٠٤_١٣٧٤) في مجلسه ولما استبطأه أصحابه أطلوا عليه فوجدوه ميتاً والكتاب في حجره. وكذلك مات الصحافي ارمندبرتين (١٨٠١_١٨٥٤) مدير جريدة الديبا وكان له مجاميع من أجمل القنيات والكنوز ذكروا أنه مات بين كتبه عقيب وفاة حليلته فوجدوه ماسكاً بكتاب كانت هي تحبه في حياتها فجاء الموت وهو على هذه الحال.
ومات المؤلف يعقوب برونه (١٧٨٠_١٨٦٧) وهو على كرسيه وبين كتبه بعد أن عمر طويلاً ولا شغل له غير الدرس والتبحر. وقضى الجماعة موبللي منذ نحو نصف قرن وكانت مكتبته تساوي مائة ألف فرنك ولم يوجد عنده من الدراهم ما يكفي نفقات دفنه. ومن عشاق الكتب من سقطوا عن سلالم مكاتبهم فقضوا نحبهم ومنهم اييرت (١٧٩١_١٨٣٤) من غلاة الكتب في درسد والمركيز مورانت (١٨٠٨_١٨٦٨) الإسباني وروفر وغيرهم. والمؤرخ الكاتب تيودور مومسان الألماني (١٨١٧_١٩٠٣) ذهب إلى خزانة كتبه ذات يوم والشمعة بيده فسرى لهيبها إلى لحيته البيضاء وقضى بعد شهر متأثراً.
وأعجوبة المولعين بالأسفار انطون ماكليابيشي (١٦٣٣_١٧١٤) من مدينة فلورنسا فقد خدم لأول أمره في دكان فاكهانية وأخذ ينظر في الأوراق التي تصر بها الفاكهة فوقع في نفسه أن يتعلم القراءة فاتصل بكتبي ولم يعدم من يدرسه ويعلمه وكان ذا ذاكرة قوية ما حفظ شيئاً ونسيه وحفظ من أسماء الكتب ومظانها حتى أصبح عبارة عن مكتبة سيارة ثم اتصل بالغراندوق كوسم الثالث وجعله قيماً على كتبه ولم تكن هذه الكتب لتشفي مطامعه بل أخذ يطالع فهارس المكاتب الأوربية مطبوعها ومخطوطها ويسأل كبار العلماء السياح عن نوادرها حتى صار يعرف كل دقيق وجليل من أحوال الكتب وكانت له طريقة غريبة في المطالعة فإذا أخذ كتاباً لم يكن طالعه من قبل ينظر في اسمه وفهرسته ومقدمته وتقدمته ويتصفح أوائل فصوله وبعد دقائق يقول لك رأيه في موضوع الكتاب والمصادر التي أخذ منها مؤلفه ولا ينسى ذلك على الدهر. ولم تكن له عناية بهندامه ونظام معيشته بل كان في ليله ونهاره مستغرقاً في أسفاره لا يخرج إلا إلى مكتبته. وكان أعلى بيته وأسفله ومدخله