الأبيض فانقرض منذ مائة سنة وهو موجود في الحبشة بكثرة ولعل النيل كان يأتي به. وقدس المصريون الغنم وهو نوعان ادعى بعضهم أن أحدهما جاء من آسيا على نحو ما جرت العادة أن ينسب لهذه القارة كل نوع من إنسان وحيوان ونبات وتوصف بأنها مبعث جماع الحضارة ومهد الكائنات. اتفقت الأديان وبعض الفلاسفة وجملة من الأساطير على أن الشرق مقيل أرقى الكائنات الحية. إلا أن العالمين الباحثين أثبتا بالبرهان أن هذه الحيوانات نشأت في قارة إفريقية على أن الملك سنفرون لما خرب النيل الأعلى وأتى من السودان بسبعة آلاف رجل وامرأة ومائتي ألف بقرة وغنمة جاء بالغنم المدعو لونجيب إلى هذه البلاد من السودان.
وفي هذا الكتاب بحث في تحنيط البقر - وبقرة بني إسرائيل صفراء فاقع لونها تسر الناظرين - وكان يظن أن بعض البقر المصري جاء من آسيا وبعبارة ثانية من سورية إلا أنه وجد منه هنا ما يماثله ودثر بعضه. ومن رأيهما أن البقر الذي حنطه قدماء المصريين كان من البقر الهندي ذي السنامين الموجود منه إلى الآن بكثرة في سهول مصر العليا. وقصارى القول فإن الباحث في تاريخ الإنسان والمؤرخ والطبيعي يرون في كتاب هذين العالمين مادة لطيفة في الكائنات بهذه البلاد وهذه المباحث طافحة بالفوائد في تاريخ الحضارة خاصة وتاريخ الكائنات عامة.