للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

من الفرس في بئر قائلين لهم أن يأخذوا منها ماءً وتراباً يحملونهم إلى ملكهم. وهذه كانت فاتحة الحروب المادية.

مبادلة الخصمين - أن التباين بين هذين العالمين المتحاربين قد أشار إليه هيرودتس أحسن إشارة في صورة محاورة بين كسيركيس ملك الملوك وديمارات أحد المنفيين من الإسبارطيين فقال هذا: أتجاسر أن أؤكد لك أن الإسبارطيين يعلنون عليك حرباً حتى ولو انحاز سائر أبناء اليونان كافة إلى حزبك ولو لم يبلغ جيشهم ألف رجل. فأجاب كسيركيس ضاحكاً وليت شعري هل في وسع ألف رجل أن يشهروا حرباً على هذا الجيش الكثير العدد والعدد وأني لا أخشى أن يكون في كلامك تحذلق كثير. وهب أن عددهم خمسة آلاف فنحن زهاء ألف لقاء واحد. فلو كان لهم زعيم مثلنا فإن الخوف يحمسهم ويزيد نفوسهم مضاء فيزحفون يضرب السياط على جيوش أكثر مما خصتهم به الفطرة. يقول ديمارات أن ليس الإسبارطيون دون غيرهم في حرب يتلاقى فيه المتحاربون جسداً لجسد حتى إذا انضموا بعضهم إلى بعض صاروا جيشاً برأسه ومن أشجع الناس وإمضأهم. وقصارى القول فإنهم وإن كانوا أحراراً في الظاهر ليسوا كذلك في سائر شؤونهم فلهم حاكم مطلق ألا وهو القانون فهم يخافونه كثيراً ويرهبون بأسه أكثر من رهبة رعايانا لك. يطيعونه والقانون يأمرهم أن يثبتوا في مصافهم أبداً إلى أن يغلبوا أو يموتوا - إليك حال هذين الحزبين أحدهما مع الآخر فترى من جهة عدداً عديداً من الرعايا تضمهم القوة بزعامة رئيس ذي هوى وشهوات. ومن جهة ثانية جمهوريات صغرى محاربة يحكم أبناؤها أنفسهم بأنفسهم بقوانين يحتفظون بها ويرعونها.

الحرب المادية الأولى - نشبت حربان ماديتان كأنت الأولى بمثابة حملة على أثينة فأرسل داراً ستمائة سفينة أنزلت جيشاً فارسياً في سهل ماراتون الصغير على سبع ساعات من أثينة. ولقد كان دين الإسبارطيين يحظر عليهم أن يسيروا قبل أن يكون الهلال بدراً وكان القمر إذ ذاك في الربع الأول فقضي على الأثينيين أن يحاربوا وحدهم فجاء عشرة آلاف من الوطنيين مسلحين سلاح الأبطال وأقاموا لهم معسكراً أمام صفوف الفرس بقيادة عشرة قواد يتناوبها كل منهم يوماً حتى إذا كانت نوبة القيادة لملتيادس عبى جيشه للحرب فهاجم الأثينيون صفوف الأعداء على صفوف مشتبكة فلما رأهم الفرس اقتربوا منهم ولم يجعلوا