للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ومن رأيه أن التنوين والإعراب لو حذفا من العربية لأصبح نحوها عبارة عن مائة صفحة مثل نحو لهجة عربية حديثة ولا تبقى كل تلك التراكيب قال: وبعد فلم يرفع من بناء العربية حجر واحد ولكن ربما أضاف إليه علماء النحو أحجاراً كثيرة على أن العلم قاصر عن الإحاطة بالقديم الذي كان قبل الارتقاء الإسلامي العظيم وبالحديث منه. وإن هذه اللغة لتعيش أيضاً على رقتها وما فيها من قواعد إعرابها في المدارس وبين طبقات الشعراء ويكفي في إقناعك يا هذا فيما أقول أن تحضر إليك معلماً عالماً وتسأله فيها مما هو ولا جرم معجزة للرسول صلوات الله عليه ذاك الجمال المسكين الذي ما خامره ريب بأنه يزين العلم الحديث بمشعل من النور يضيء ضياء يأخذ الأبصار منذ ألوف من السنين. فإن اجتمعنا هنا لنعجب بهذا البناء الخالد فبفضل رسول الله ولولاه لما شغلت العربية فرعاً من مؤتمرنا هذا وما كان ملايين من العرب تكلموا ودرسوا لهجة لطيفة خرجت من برج بابل من بين سائر اللهجات.

وبحسب ما وصل إليه المؤلف أن لفظ البدو النازلين في الجنوب من شبه جزيرة العرب أكثر انطباقاً مع قواعد النحو من غيرهم وقال أنه لا يضاد القائلين أن سكان حارب وبيحان هم الذاهبون بهذه المزية. وقد قيل للمؤلف أن قبائل فهم وقحطان في الحجاز يحسنون التكلم من بين عرب الشمال. وذكر ما قاله نولدك في مجمع علماء اللغات من الألمان في ستراسبورغ من إن اللغة العربية هي النقطة المركزية للدروس السامية وزاد بأن اللهجات العربية على اختلاف أقطارها لو أخذت بمجموعها مع ذخائر بلاد بابل وآشور التي تكاد لا تنضب كنز عظيم يعثر فيه على المواد الكافية للوقوف على اللغة السامية أحسن وقوف. وختم الكتاب بأنه يود أن يجاري العلماء ويكاثرهم في البحث فيما بقي عليهم أن يبحثوا فيه من لهجات العرب في الغرب الأقصى لولا أنه وصل إلى سن قال فيه امرؤ القيس

أراهنَّ لا يحببن من قلَّ جاهه ... ولا من رأين الشيب فيه وقوَّسا