الجريح راقد على المنضدة وهو غالباً يصيح مما يقاسيه من الالم فيخفف إليه الجراح ويفحص بسرعة جرحه ثم يشرع في بتر العضو الذي يؤذيه ويشير إلى الخدم بالاستعداد لاحضار آخر. فيخرج سلاحه من (بين اسنانه) التي كان قابضا عليه بها حين كانت يداه مشغولة ويمسحه يخفة مرة او مرتين في (وزرته) الملطخة بالدم ثم يبدأ بالبتر. فإذا انتهى من عمله نظر إلى خلفه وتنهد كثيراً صادراً من اعماق فؤاده ثم نادى (غيره). . . . .
ويلفت نظرك أن ترى الجراح - وقد مضى عليه زمن طويل وهو يشتغل - نازعاً سلاحه من يده قائلاً والدموع الغزيرة تنهمل من عينيه أنه لم يعمل عمله بثبات فإن يشاهده تعجز عن رؤيته طاقة البشر. وترى كثيرين ممن جرحوا من المجاهدين يتحملون الأمهم وهم سكوت بجلد وسكون وجبنهم متجعدة واعينهم دامية. ثم يصل إلى أذنيك صدى انين من فؤاد كليم واصوات من الالم منكرة تشق الفضاء وصريخ يائس قانط يقول (ايها اللورد. . . ايها اللورد) او (دعني اموت) ثم تسمع اصواتا ضئيلة تردد وتقول: (امي. . .!) او (أبي. . . .!) او (وطني. . .!)
رعاية الاطفال
اسس السيد جرانشرعام ١٩٠٣ بباريز جمعية دعاها (جمعية وقاية الاطفال من داء السل) والعمل الذي تقوم به هذه الجمعية هوأنها تبحث عن الاطفال المصأبين بهذا الداء ثم تأخذهم وترسل بهم إلى المزارع وهناك يعيشون في الهواء الطلق مع اسرات الفلاحين يعودهم جماعة من الأطباء تنتخبهم الجمعية. وقد أنشئت مدرستان بفرنسا خارج المدن حيث يكون الهواء خالصاً نقياً فيدرس فيها التلاميذ المرضى ممن لا يوأفقهم هواء المدن وهناك يعالجهم الأطباء. والآن يعملون في إنشاء مثل هذه المدارس في ألمانيا حيث رأى الدكتور بندكس إنشاء مدارس الغابات وأول مدرسة منها فتحت أبوابها سنة ١٩٠٤ وكانت نتيجتها مرضية. ويتعلم في هذه المدرسة التلاميذ الرقيق والمزاج المصابون بالسل. ونظامها أن يذهب إليها التلاميذ كل يوم صباحاً في الساعة السابعة ونصف تقريباً مشاة على اقدامهم أو في المركبات الكهربائية فإذا بلغوها تنأولوا في الحال حساء سخيناً وقطعة من الخبز. وبعد أن يدرسوا الدرس الأول يتنأولون قدحاً من اللبن وشيئاً من الخبز أيضاً. اما طعام الغذاء