للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كل مملكة على حدتها في أوربا لهذا العهد من المصنفات على انتشار الطبع والورق وتوفر أسباب التأليف توفراً لم يسبق له نظير في تاريخ العالم. وأن معظم حكماء اليونان اشتهروا عند بعض المؤرخين على حين لم يؤثر عنهم كتاب ما. وعليه فبعيد عن التصديق ما يدعى بوجود مليون كتاب في مكتبة الإسكندرية. ولو كان الأمر على ما ذكروا لاقتضى لكل حكيم من حكمائهم أن يؤلف ثلاثين أو أربعين كتاباً وهو محال.

عرفت كيلوباترة أن لها يداً في إحراق مكتبة الإسكندرية فأعادت بناء المكتبة تكفيراً عن سيئاتهم وجعلت في هذه الخزانة مكتبة برغمة التي أهديت إليها وكان فيها مائتا ألف مجلد في رواية. وبعد قليل استولى الرومان على مصر فاشتد ضغطهم على أهلها جرياً على عاداتهم القديمة فسقط عمران الإسكندرية في أوجز مدة ثم اشتغل أكثر الأهلين بحل المسائل الدقيقة من الدين المسيحي الذي كان ظهر في جوار تلك البلاد. واستحالت الحال فبطلت العلوم وانقطع تدريسها في الإسكندرية بالمرة.

واحتفظت دولة الرومان بالعاديات والمصانع التي وجدت في البلاد المتغلبة عليها في أوربا وآسيا وإفريقية إلى سنة ٣٩٠ للميلاد أي قبل الهجرة بمائتي سنة تقريباً. بيد أن تيودوس أحد قياصرة الرومان ارتأى لجهله وتعصبه أن لا يبقى في المملكة الرومانية غير الدين المسيحي وأن تلغى سائر الأديان والمذاهب فاستولى على المعابد وضبط عقاراتها ونفائسها وقامت قيامة الرهبان وحملوا الحملات المنكرة على المعابد والمصانع وهدموها وعاثوا بما فيها جملة.

وفي خلال تلك المدة قام تيوفيل رئيس أساقفة الإسكندرية في جملة من رهبان تلك الناحية وخرب المعبد البديع المعروف باسم بباكوس ثم هد معبد السرابيوم بعد مجادلات امتدت لألاؤها وفتن شعواء طالت برحاؤها. وهذا المعبد الذي يعد من بدائع الصنائع وله المقام الأول بين مصانع المملكة الرومانية يمائل بناية الكابتول في رومية. وهدم ما كان في جوار المعبد الآنف ذكره من المكتبة التي أنشئت للمرة الثانية على ما تقدم وقد تلفت هذه المرة جميع كتبها. نعم أنشئت بيعة في محل هذا المعبد ولكن لم تتجدد المكتبة قط ولم يبق لها اسم ولا رسم.

واشتد ضغط الإمبراطور جوستنيانوس على عبدة الأوثان وعطل بيوت العلم وقضى بإقفال