للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يتكلم أهله بالعربية اللهم الا الجزائر وتونس وتعلم جانب من ناشئتها في مدارسهم واتقانهم للغاتهم وذهاب أهل السعة منهم كل صيف للاصطياف في أوروبا وإرسالهم بعض أولادهم يغترفون من معين العلم في مدارسها وشلن - كل هذه الأسباب دخلت مصر في طور البلاد الإفرنجية ولاسيما حواضرها وأمهات مدنها حيث يكثر المتعلمون وأهل اليسار وتصدر الصحف والمطبوعات ويجتمع الموظفون والمزارعون والمضاربون وأهل التجارة.

ومما يعد في باب الارتقاء في الفكر الديني بفضل ما انتشر بالطبع من أمهات الكتب الدينية وتناقلها الايدي على اختلاف الطبقات أن أخذ بعض العامة دع عنك الخاصة يدركون أن في بعض معتقداتهم شوائب وفي الكتب المعتمدة في القرن الماضي من مؤلفات المتأخرين اغلاطاً لا بدّ من نزعها والرجوع فيها إلى الأصول الصحيحة. وهذا الاعتقاد سرى في النفوس لأسباب منها انسيال تيار الفلسفة الجديدة واحياء الأمهات من أسفار السلف وانتبهاء أهل العقول إلى أن الرجوع بالناس إلى الأصول خير من الضلال بها في مهامه الفروع المشوبة والمعتقدات الضارة.

وقد دخلت المطبوعات في دور جديد فبطل بعض الطبع السقيم وأخذ أرباب المطابع يحأولون تجويد الطبع وانتقاء المصنفات النافعة فاحيوا كثيراً من الأمهات القديمة في الشريعة والأدب والتاريخ كما ترجمو بعض المترجمات الجليلة في الحقوق والطب والكيمياء والطبيعة والاجتماع والقصص. وكان الفضل في تحريك نفوس المسلمين هنا وايجاد حركة أدبية بينهم لأحد أرباب النفوس الكبيرة والحكمة ونعني به السيد جمال الدين الافغاني فإنه هبط مصر في الربع الأخير من القرن الثالث عشر ولقي فيها من بقايا أهل العلم والذين تعلموا في أوروبا من ساعدوه على قبول دعوته وكأنت العجلة من طبعه يريد التاثير والإصلاح مباشرة ولو لم يكن كذلك لدل الأمة أكثر مما دلها على معاييبها ووصف لها من أسقامها بنغمة لم تكن تالفها وقد نفعت دعوته في تهيئة الملكات فربى له رجالاً يغلبوا عليهم النشاط والعقل في الجملة ومنهم أكبر مريديه الشيخ محمد عبدو الذي ووفق إلى تولي منصب الافتاء فكان له فيه أعظم تاثير ومضى ذهاء عشرة سنين على مصر كان فيها زعيم الحركة الإصلاحية كما كان شيخة جمال الدين من قبل ومن أعظم أثار الشيخ المفتي إنشاء الجمعية الحيرية الإسلامية وهي عمل نافع تثلج له الصدور وتقر العيون.