أخبارهم بل كان على أصحاب الكتب الستة مثلا أن يفردوا لإحراق الكتب باباً لو كان صدر من بعض الخلفاء الرأشدين مثل هذا العمل كل هذا لم يرد شيء منه في تضاعيف كتب الثقات وإنما هم الوضاعون وضعوا هذا الخبر كما وضعوا مئات مثله وألصقوه بالأمام فتلقفه من لا عهد له بوضع الأخبار على محك النقد من مؤرخي القرون الوسطى قضية مسلمة وراح بعضهم يتذرعون به إلى النيل من الأئمة بإحراقهم الكتب ليحولوا دون العقول والأخذ من علوم الأوائل وكل مانسب للمؤرخين المتأخرين منقول عن القفطي من أهل القرن السادس ولايبعد أن يكون تلفقه من كتب الواعظين وتابعه عليه من بعده. يؤيد ذلك ما مُني به المسلمون من التفرق إلى شيع يضاد بعضها بعضاً وما ثبت في التاريخ من أن الحريق طرأ على هذه المكتبة مرات قبل الإسلام ولما فتحت الأسكندرية في الصدر الأول لم يكن في مكتبتها من الكتب ما يدعو إلى مد
يد الفاتح إليها بشيءٍ من الأذى والحرق ولذا لم يذكر هذا الخبر أحد من معاصري الفتح من المؤرخين سواء كانوا من الروم أو غيرهم.
هذا ما وقع للكتب العربية من النكبات العامة في القرون الوسطى وقد وقع لها ما بعده نكبات أعظم وأدهى نريد بها جهل القوم وزهدهم فيها ومفاداتهم بها ويبعثها بثمن بخس لكل طالب. وما زال الشيوخ من أهل هذا الجيل يحدثوننا بما وقع لكتبنا في مصر والشام وأقله السرقة والحرق الإختياري ويبعثها من الدلالين لينقلوها إلى الأجانب.
حدثني ثقة أن دلال كتب في دمشق كان يغشى منازل أهل العمائم ممن يعرفون بين القوم بالعلماء
ويختلف إلى متولي خزائن الكتب في المدارس فيبتاع منها ما طاب له من كتب القوم المخطوطة
بأثمان زهيدة إذ لم يكونوا يحرصون إلا على كتب الفقه وكانوا أبيع من إخوة يوسف لكتب التاريخ
لأنها كذب بزعمهم والكذب لا ينبغي أن يوضع في قماطرهم وخزائنهم وهناك فنون كثيرة تلحق
فن التاريخ بالطبع وهي كتب الحكمة والأدب. قال وقد ابتاع معظم هذه الكتب قنصل ألمانيا