والقربة عنده والوسيلة إليه والمزيد فيما شكره عليه خير الدنيا وحسن ثواب الآخرة.
أفضل ما يعلم بع علم ذي العلم وصلاح ذي الصلاح أن يستصلح بما أوتي من ذلك ما استطاع من الناس ويرغبهم فيما رغب فيه لنفسه من حب الله وحب حكمته والعمل بطاعته والرجاء لحسن ثوابه في المعاد إليه وأن يتبين الذي لهم من الأخذ بذلك والذي عليهم في تركه وأن يورث ذلك أهله ومعارفه ليلحقه أجره بعد الموت.
الدين أفضل المواهب التي وصلت من الله تعالى إلى خلقه وأعظمها منفعة وأحمدها في كل حكمة فقد بلغ فضل الدين والحكمة أن مدحا على ألسنة الجهال على جهالتهم بهما وعماهم عنهما.
أحق الناس بالسطان أهل الرأفة وأحقهم بالتدبير العلماء وأحقهم بالعلم أحسنهم تأديباً وأحقهم بالغنى أهل الجود وأقربهم من الله أنفذهم في الحق علماً وأكملهم به عملاً وأحكمهم أبعدهم من الشك في الله تعالى وأصوبهم رجاء أوثقهم بالله وأشدهم انتفاعاً بعلمه أبعدهم من الأذى وأرضاهم في الناس أفشاهم معروفاً وأقواهم أحسنهم معونة وأشجعهم أشدهم على الشيطان وأفلجهم بالحجة أغلبهم للشهوة والحرص وآخذهم بالرأي أتركهم للهوى وأحقهم بالمودة أشدهم لنفسه حياء وأجودهم أصوبهم بالعطية موضعاً وأطولهم راحة أحسنهم للأمور احتمالاً وأقلهم دهشاً أرحبهم ذرعاً وأوسعهم غنى أقنعهم بما أوتي وأخفضهم عيشاً أبعدهم من الإفراط وأظهرهم جمالاً أظهرهم حصافة.
وآمنهم في الناس أكلهم ناباً ومخلباً.
وأثبتهم شهادة عليهم أنطقهم عنهم.
وأعدلهم فيهم أدومهم مسالمة لهم.
وأحقهم بالنعم أشكرهم لما أوتي منها.
أفضل ما يورث الآباء الأبناء الثناء الحسن والأدب النافع والأخوان الصالحون.
فصل ما بين الدين والرأي أن الدين يسلم بالإيمان وأن الرأي يثبت بالخصومة فمن جعل الدين خصومة فقد جعل الدين رأياً ومن جعل الدين رأياً فقد صار شارعاً ومن كان هو يشرع لنفسه الدين فلا دين له.
قد يشتبه الدين والرأي في أماكن لولا تشبههما لم يحتاجا إلى الفصل.