الصناعات والفنون. وما أقبح بذخاً غايته أن يحدث ضرورة ويستر في مطاويه الشقاء تحت رداء جميل من التمويه أو أن تكون غاية من يجعله ديدنه إغواء الناس ليخرج من ضائقة ويستلفت الأنظار إلى غناه فيربح من ذلك ما يسد مخمصته وينيله بغيته.
ومن أعظم الأعمال التي قامت في هذا القرن تأليف الشركات فإنها انتهت بتأسيس مشاريع عظيمة للانتفاع بموارد غلات الأرض وتنمية صناعتها. وهكذا كان من تأليف الشركات المالية وجمعيات الإحسان وأعمال وإن أسفرت عن معاضدة الثروة العامة فقد قطعت أيدي كثيرين عن العمل وأضعفت من همم الأفراد وخربت بيوتاً كانت من قبل عامرة. فإن ما يعمله الجماعة يستحيل على الفرد القيام به. وقد أكثرا اكتشاف ركاز كاليفورنيا وأوستراليا والترنسفال من الذهب في الأيدي وكانت التجارة في غنى عنه فنقص سعر الذهب وزادت قيمة المصنوعات والحاجبات مما جعل الإنسان في أحرج المواقف من جهاد الحياة. ونتج فقر وغنى من جمع رؤوس أموال عظيمة وتأليف جمعيات صناعية ومالية كبرى بل كان من وراء ذلك فراغ يتعذر إشغاله تعذر إملاء فنطيس (برميل) الدنائيد إذ بعدت غاية عملنا بقدر امتداد دائرتها وانفصمت عرى الموازنة بين رغائبنا وأسبابنا فبذلت القوى العصبية وأجهدت القرائح فوق طاقتها فكان من ذلك أمراض عصبية كثيرة.