الرجوع إلى تلك السجلات أصيب بالسل وكان من عادته أن يبل رأس إبهامه ليقلب أوراق دفاتره فأبقى بين أوراقها كمية وافرة من جراثيم مرضه نمت على الزمن حتى جاء من بعده وأخذت تسري إليهم.
ومن الأمثلة أيضاً أن امرأة وضعت طفلاً فكان الطبيب يطبها ويطبه على أحدث الطرق في منع الفساد فمات الطفل في اليوم الثالث عشر من يوم ولادته بعد أن خرجت له بثور متعددة ثم تناولت هذه البثور والدته فماتت بعد مدة أيضاً وكان سبب ذلك كتاب عتيق استعارته الأم من إحدى غرف المطالعة كانت تقرؤه وهي ترضع طفلها فنزع الطبيب جلد الكتاب وبعض ورقات منه فشهد فيه جراثيم ذاك المرض الذي قضى على النفساء وابنها.
وما برحت مسألة العدوى بالكتب شاغلة بال الباحثين من علماء الصحة. ويقولون أن الخطر في الكتب المدرسية عظيم جداً لأنها تنتقل من يد إلى أخرى حتى تتمزق وتسود ويحشر فيها من ضروب الجراثيم أشكال إلا أن بعضهم يقول إن الجراثيم لا يطول عمرها على صفحات الكتب كثيراً فباشلس السل يعيش مائة وثلاثة أيام وجرثومة الهواء الأصفر ٤٨ ساعة وجرثومة الخناق ٢٨ يوماً وباشلس الحمى التيفوئيدية يعيش من أربعين إلى خمسين يوماً. ويقول قوم أنه لا ينبغي أن يوثق بهذه الأرقام لأنه ثبت أن سم الخناق يعيش كثيراً في الثياب وأن أحسن الطرق أن تطهر الكتب وليس من طريقة لتطهيرها إلا بإمرارها على بخار فورمول إلا أنها إذا مرت عليه تهرأ الورق وتمزق بعد حين ولابد أن يمر الكتاب على هذا البخار صفحة صفحة. وحدث ما شئت أن تحدث عن العناء الذي يلقاه من يعهد إليه تطهير ألوف من الأسفار. وكيفما دارت الحال فإن النظافة مطلوبة شرعاً وعقلاً والوقاية لازمة واختيار الكتب النظيفة خير من القذرة. وعسى أن يكون فيما تقدم عظة لمن اعتادوا أن يعيروا الكتب والمجلات وينقلوها إلى أيدي كثيرين حتى ممن لا يعرفونهم فيقللون بذلك من عدد مبتاعيها ويجلبون بها جراثيم مضرة بهم.