كتب أحدهم في بعض المجلات الإفرنجية الكبرى مقالة قابل بها بين الصينيين واليابانيين فقال أنهم ليسوا من عنصر واحد فالأول من عنصر مغولي والآخرون من عنصر ماليزي واختلافهم في الأصول كان سبب اختلافهم في الفروع أي العادات والأخلاق وكان من اليابانيين أن تحرروا من قيودهم وقبلوا المدنية العربية لأنه لم يكن لهم مدنية أما الصينيون فهم ما زالوا يتناغون بمدنيتهم ويعتمدون على قوتهم ولهم من معتقداتهم ما يتفانون معه في الخضوع للكبير والفناء فيه. ومن القواعد المتبعة في شريعة كونفشيوس أن تكون الشفقة الأخوية أساس كل عمل فالشفقة تجمع بين الأب وأولاده والشفقة تربط بين الملك ورعيته والشفقة تجمع بين الزوج وزوجته والشيخ والفتى والصاحب وصاحبه. والصينيون يرضون بالقليل ضعاف الإرادة لا شجاعة فيهم ولا يحبون أن يلقوا بأنفسهم في المخاطر والمخاوف ولئن أخذوا الآن يعملون في تقليد الأوروبيين في الجندية فإن أمر تشبههم بالأوروبيين يطول ويصعب دخول المدنية الغربية عليهم.
وعلى العكس في اليابانيين فإنهم من عنصر منوع فكرياً يفكر الياباني فيما تعرضه عليه من الأفكار ويحاول أن ينقل عنك ما يليق بالمتمدنين أن يعملوه من العادات والأخلاق والأفكار وهو يتروى في كلامه فيزنه في ميزان التعقل ولا سيما أمام الغريب عن جنسه واليابانيون ليسوا خفافاً في حركاتهم فلا ييأسون ولا تسمع لهم صوت تألم وقد يموت الياباني ولا تسمع له ركزاً بل تراه باسماً والرضا هو أساس طبيعته ولا ترى الياباني متجبراً غضوباً وإذا غضب فلا يغضب إلا عن سبب قوي جداً ولا يهرق في سيبيل غضبه دماً. ولئن أخذ بعض العملة في بلاد اليابان يعتصبون الآن إلا أن اعتصابهم ليس كاعتصاب العملة الأوربيين قد يؤدي إلى الخصام وتجريد الحسام بل أنه ينفض في يومه. الياباني فرح مسرور في حاله يعتاد كل عيش مهما كان فيه من الشظف والقلة والتعب والنصب هذا ولا يفوته أن هناك مطالب سامية وعيشة راضية أكثر مما هو فيه ولا ترى الياباني ينتحر من أجل شيء إلا إذا أصيب بما يثلم شرفه فيختار أن ينتحر على صورة لا يسمع به أحد. واعتقاد اليابانيين بتناسخ الأرواح هو سبب غلبتهم الروس في كوريا ومنشوريا والتناسخ عندهم بعد موت الإنسان يكون على ست صور فإذا كان الميت ممن