المجاذيب فيها لمقاومة السكيرين وتحقيرهم أن تجعل إدارة السكك الحديدية مساء كل أحد مركبة أو مركبتين تكتب عليهما (للركاب السكارى) فكل من شوهد أنه سكران أو شرب مسكراً يدعى إلى الجلوس في تينك المركبتين إن أراد السفر وهي طريقة تندى لها وجوه من لهم إحساس من الركاب الذي يتعاطون المسكرات فيقلعون عنها.
سكة حديد بغداد
كثر الباحثون في هذه السكة ومستقبلها وجلهم يحسنون الظن بها ويعلقون الآمال الواسعة على ما سيتم من العمران في البلاد التي تجتازها. وهذا الخط هو أعظم خط حديد أنشيء في البلاد العثمانية بل أهم خط قام لأنه يربط أقصى المملكة بأقصاها ويمر في أصقاع كان لها مجد قديم وحضارة زاخرة وطوله ألفان وثمانمائة كيلومتر ويكلف خمسمائة مليون فرنك أو أمكثر ويقتضي له العمال والأعمال والأدوات والآلات الجسور والقاطرات وغيرها ما لا يكاد يقع عليه الحصر ويتيسر أن تقطع المسافة بين الأستانة وبغداد في خمسة أيام وهي الآن لا تكاد تقطع في خمسين يوماً لراكب المطايا.
يقولون أن بلاد بابل وآشور ستحيا بعد مواتها بهذا الخط الحديدي وأن آسيا الصغرى سيرجع لها ما فقدته من أسباب العمران وسيكون من العراق مصر جديدة تزرع القطن والحنطة على شطوط الرافدين ودجلة والفرات فتخسر بذلك مصر بعض وارداتها ولاسيما أن السكة البغدادية ستتولى نقل البريد إلى الهند وتختصر الطريق من البحر فتفقد السويس بعض مكانتها لأن البريد الهندي ينقل عن طريق الأستانة فبغداد فالكويت فبمباي في عشرة أيام وهو الآن لا ينقل من طريق السويس بأقل من أربعة عشر يوماً.
وتقول مجلة العالمين أن مخبآت مدينة هارون الرشيد وما يروى عنها من الأقاصيص الشعرية ويجري في مخيلات العامة من ذكرى عظمتها الغريبة على عهد الخلفاء ومساجدها العربية ذات القباب والتيجان وأسواقها وفنادقها ـ كل ذلك أثر في عقول كبار ملتزمي مد هذا الخط الحديدي فحلموا بتمديده إلى بغداد وما أكثر المطامع التي أخرجت هذا المشروع من القوة إلى الفعل. وقد نشأت فكرة الملاحة في نهر الفرات وربط الهند ببغداد منذ ستين سنة فنالت شركة إنكليزية سنة ١٨٥١ امتيازاً بإنشاء خط حديدي من السويدية أي سيلوسيا القديمة في خليج الإسكندرونة إلى الكويت على الخليج الفارسي وإذ لم تحصل على رهن