ليظهر منه عند الانقباض والتشدد ولو التمس ملتمس مثل ذلك عند من يستأنف ملاطفته ومؤانسته إن كان ذا فضل من الرأي والعلم لم يجد عنده مثل ما هو منتفع به ممن هو دون ذلك في الرأي ممن قد كفي مؤانسته ووقع على طباعه لأن الأنسة روح القلب والوحشة روع عليه لا يلتاط بالقلوب إلا ما لان عليها ومن استقبل تأسيس الوحشة استقبل أمراً ذا مؤونة فإن كلفتك نفسك السمو إلى منزلة من وصفت فاقذعها عن ذلك بمعرفة فضل الأليف والأنيس وإذا حدثتك نفسك أو غيرك ممن لعله يكون له فضل في الموءة أنك أولى بالمنزلة عند الكبير من بعض دخلائه وثقاته فاذكر الذي عليه من حق أليفه وثقته وأنيسه في التكرمة والذي يعينه على ذلك من الرأي أنه يجد عنده من اللف والأنس ما ليس واجداً عند غيره فليكن هذا مما تتحفظ فيه على نفسك وتعرف فيه عذر الرجل ورأيه والرأي فيه لنفسك في مثل ذلك إن أرادك مريد على الدخول دون أنيسك وأليفك وموضع ثقتك وجدك وهزلك.
اعلم أنه تكاد تكون لكل رجل غالبة حديث أما عن بلد من البلدان أو ضرب من ضروب العلم أو صنف من صنوف الناس أو وجه من وجوه الرأي وعندما يغرم به الرجل من ذلك يبدو منه السخف ويعرف منه الهوى فاجتنب ذلك في كل موطن ثم عند أولي الأمر خاصة.
لا تشكون إلى وزراء السلطان ودخلائه ما اطلعت عليه من رأي تكرهه له فإنك لا تزيد على أن تفطنهم لميله وتغريهم بتزيين ذلك له والميل عليه معه.
اعلم ا، الرجل ذا الجاه عند الوالي والخاصة لا محالة أنه يرى من الوالي ما يخالفه من الرأي في الناسي والأمور فإذا آثر ذلك يكره كل ما يخالفه أو يمتعض من الجفوة يراها في المجلس أو النبوة في الحاجة أو الرد للرأي أو الإدناء لمن لا يهوى إدناءه والإقصاء لمن يكره إقصاءه فإذا وقعت في قلبه الكراهية تغير لذلك وجهه ورأيه وكلامه حتى يبدو ذلك للوالي وغيره وكان ذلك لفساد منزلته سبباً فذلل نفسك باحتمال ما خالفك من رأي الولاة وقررها بأنهم إنما كانوا أولياءك لتتبعهم في أرائهم ولا تكلفهم إتباعك وتغضب من خلافهم إياك.
اعلم أن الملوك يقبلون من وزرائهم التنجيل ويعدونه منهم شفقة ونظراً ويحسدونهم عليه وإن كانوا أجواداً فإن كنت مبخلاً غششت صاحبك بفساد مروءته وإن كنت مسخياً لم تأمن