المشرق - عني حضرة الباحث العالم صاحب هذه المجلة بنشر ثلاث مقالات عربية في الآلات المنغمة انتقاها من مجموع عثر عليه في خزانة كتب مدرسة ثلاثة أقمار في بيروت وفيه رسائل في الهندسة والفلك وتحريك الأثقال والموسيقى وغير ذلك من الآثار العلمية من وضع علماء الإسلام أو من تعريبهم وتعريب طائفة المعربين في عهد الحضارة الإسلامية ويرتقي هذا المجموع بحسب رأي الباحث المشار إليه إلى القرن الثاني عشر للمسيح. وهذه الرسائل في معنى واحد لقدماء اليونان استحق كتبة العرب شكر العلماء إذ حفظوها لهم من أيدي الضياع بنقلها إلى لغتهم.
أما الرسائل فإحداها عمل الآلة التي اتخذها مورسطس يذهب صوتها ستين ميلاً وكانت هذه الآلة تحمل معهم في الحروب لأن بلادهم كانت كثيرة الأعداء فكانوا إذا احتاجوا أن ينذروا أصحابهم أو يسألوا المدد في الحروب لتأتيهم الخيل والمدد أو ينذروا أهل مدينة الملك وأي النواحي أرادوا نفخوا في هذه الآلة وهي الأرغنن الكبير الملقب بالواسع الفم الجهير الصوت وذلك أن صوته يذهب ستين ميلاً. والثاني صنعة الأرغن الجامع لجميع الأصوات وهو أن يسمعك صوتاً عجيباً يبكي بكاء شديداً ويسمعك صوتاً مرقداً ينيم صاحبه على المكان ويسمعك صوتاً يشجي ويلهي ويسمعك صوتاً يطرب ويرقص ويسمعك صوتاً يسحر ويذهب بالعقل. والثالث صنعة الجلجل الذي إذا حرك خرجت منه أصوات مختلفة شجية غنجة وزعم الحكماء أن هذه الآلة عملها ساطس (كذا) القديم في بلاد مصر العتيقة فلما ضرب بها هرب من ذلك الموضع كل سبع وكل هوام وكل طير حتى هربت مواشيهم ودوابهم وكاد أكثرهم أن يجن فاستعفوا من ذلك. فنصبها على موضع مشرف بعيد من المدينة جداً. وبنى في ذلك الموضع هيكلاً وهو يسمى هيكل زواس أي (المشتري) ذي الحسن واتخذوا له عيداً فكانوا يحركون الجلجل في يوم عيدهم ثم يذبحون ويتقربون.
المجتمع وعلومه
المنار - ذكر أن أكمل الجنسيات وأنفعها للبشر ما كانت أعم وأشمل للطوائف والجمعيات المختلفة في النسب والوطن واللغة والدين والحكومة وأن هذه الجنسية هي نهاية ما يمكن وضعه لسعادة البشر كلهم ولكن الناس لما يستعدوا لها تمام الاستعداد وقد وجدت في الجملة